للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) أي: بِكُلِّ أمْرٍ من الخَيْرِ والبَرَكةِ، وهو كقوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (١)؛ أي: بِأمْرِ اللَّه، وَتَمَّ الكَلَامُ، ثُمَّ ابتدأ فقال: {سَلَامٌ هِيَ} ابتداء وخبر، يعني أن ليلة القدر سلامة هي، وَخَيْرٌ كُلُّها، ليس فيها شَرٌّ {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)} ورُوِيَ عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "مِنْ كُلِّ امْرِئٍ سَلَامٌ" (٢)، قال ابن الأنباري (٣): فعلى هذه القراءة الوَقْفُ على {سَلَامٌ}، والمعنى: مِنْ كُلِّ امْرِئٍ من الملائكة سَلَامٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ.

و {حَتَّى} حرف غاية بمعنى "إلَى"، مجازها: إلَى مَطْلَع الفَجْرِ، قرأ يحيى ابن وَثّابٍ والأعْمَشُ والكِسائِيُّ وَخَلَف بكسر اللام، وقرأَ غيرهم بالفتح (٤)، وهو الاختيار؛ لأن المَطْلَعَ -بفتح اللام- مصدر بمعنى الطُّلُوعِ، يقال: طَلَعَتِ الشَّمْسُ طُلُوعًا وَمَطْلَعًا، فأما المَطْلِيعُ -بكسر اللام- فإنه مَوْضِعُ الطُّلُوعِ، ولا معنى للاسم في هذا الموضع، إنما هو بمعنى المصدر (٥).


(١) الرعد ١١، وكون "مِنْ" بمعنى الباء قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص ٥٧٤، والزَّجّاجِيُّ في حروف المعانِي ص ٥٠، ٧٦، وينظر: عين المعانِي للسجاوندي ورقة ١٤٧/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٣٣، البحر المحيط ٨/ ٤٩٣.
(٢) وهي أيضًا، قراءة عَلِيِّ بن أبِي طالب وَعِكْرِمةَ والكَلْبِيِّ، ينظر: المحتسب ٢/ ٣٦٨، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٣٤، البحر المحيط ٨/ ٤٩٣.
(٣) إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٨١.
(٤) قرأ أبو عمرو في رواية عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ عنه، والكِسائِيُّ وَخَلَفٌ والأعْمَشُ وابنُ مُحَيْصِنٍ وأبو رجاء ويحيى بنُ وَثّاب وَطَلْحةُ: "مَطْلِعِ" بكسر اللام، وقرأ البافون، وأبو عمرو في غير رواية عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ: "مَطْلَعِ" بفتح اللام، ينظر. السبعة ص ٦٩٣، البحر المحيط ٨/ ٤٩٣، الإتحاف ٢/ ٦٢١.
(٥) المؤلف في هذا مُتابِعٌ لِلثَّعْلَبِيِّ فيما قاله في الكشف والبيان ١٠/ ٢٥٨، ولم يذكر كلاهما أن كسر العين في المَطْلِعِ لغةٌ في المصدر، فقد ذكر سيبويه في اشتقاق اسم المكان من =

<<  <  ج: ص:  >  >>