للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي مصدر كقولهم: قَدَرَ اللَّهُ الشَّيْءَ قَدْرًا وَقَدَرًا، لغتان كالنَّهْرِ والنَّهَرِ والشَّعْرِ والشَّعَرِ، وَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا بمعنًى واحدٍ (١)، قال ابن السِّكِّيتِ (٢): يُقال: قَدَرَ اللَّهُ الأمْرَ يَقْدُرُهُ قَدْرًا وَقَدَرًا، وأنشد الأخْفَشُ (٣):

٥٣٧ - ألَا يا لَقَوْمِي لِلنَّوائِبِ والقَدْرِ... وَلِلأمْرِ يَأْتِي المَرْءَ مِنْ حَيثُ لَا يَدْرِي (٤)

ثم فَسَّرَها فقال تعالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)} يعني: العمل فيها خَيْرٌ من العمل في ألف شهر لا لَيْلةَ قَدْرٍ فيها (٥).

قوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} يعني جبريل عليه السّلام {فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}؛ أي: بِأمْرِ رَبِّهِمْ، قيل: إنَّها تَنْزِلُ من غروب الشمس إلَى طلوع الفجر، وقرأ البَزِّيُّ: "تَّنَزَّلُ" بتشديد التاء (٦)، والأصل: تتَنَزَّلُ، فحُذِفَت التاءُ الأولَى لاجتماع تاءَيْنِ.


(١) ينظر: ياقوتة الصراط ص ٣٦٣، ٣٦٤، ٥٧٦، تهذيب اللغة ٩/ ٢٠.
(٢) قال ابن السكيت: "وَما لَهُ عِنْدِي قَدْرٌ وَلَا قَدَرٌ، وكذلك: قَدَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ قَدْرَا وَقَدَرًا". إصلاح المنطق ص ٩٦.
(٣) أنشده الجوهري عن الأخفش في الصحاح ٢/ ٧٨٦.
(٤) البيت من الطويل لِهُدْبةَ بنِ الخَشْرَمِ العُذْرِيِّ، ويُرْوَى:
ألا يا لقومي لِلنَّوائِبِ والدَّهْرِ... وَلِلْمَرْءِ يُرْدِي نَفْسَهُ وَهْوَ لَا يَدْرِي
التخريج: ديوانه ص ٩٥، التنبيه والإيضاح ٢/ ١٨٤، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٤١١، اللسان: قدر، الوافِي بالوفيات ٢٧/ ٣٣٥، خزانة الأدب ٩/ ٣٣٧، التاج: قدر.
(٥) قاله قتادة وأبو العالية والفراء، ينظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٨٠، شفاء الصدور ورقة ٢٥٣/ أ، عين المعانِي ورقة ١٤٧/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٣١.
(٦) قرأ البَزِّيُّ: "شَهْر تَّنَزَّلُ" بإدغام التاء في الراء، ينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٣٣ - ١٣٤، الإتحاف ٢/ ٦٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>