للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجزم، وَحُذِفَت الواوُ قبلها لسكونها وسكون النون، وَلَمْ تُرَدَّ الواوُ عند تَحَرُّكِ النون لأن الحركة عارضة لا يُعْتَدُّ بِها، ومثله: {قُمِ اللَّيْلَ} (١)، وهو كثير في القرآن في كل فعل مجزوم أو مَبْنِيٍّ، وَعَيْنُهُ واوٌ أو ياءٌ أو ألِفٌ مُبْدَلةٌ من أحدهما، ولا يَحْسُنُ حَذْفُ النونِ فِي هذا من {يَكُنِ} على لغة من قال: لَمْ يَكُ زَيْدٌ قائِمًا؛ لأنها قد تحركت، وإنما يجوز حذفها إذا كانت ساكنة في الوصل، فتُشَبَّهُ بِحُرُوفِ المَدِّ واللِّينِ، فَتُحْذَفُ للمشابهة ولكثرة الاستعمال، فأما إذا تحركت زالت المشابهةُ، وامتنع الحذف إلا فِي الشعر، فقد أتى حذفها بعد أن تحركت لالتقاء الساكنين (٢).

قوله: {الْمُشْرِكِينَ} يعني مُشْرِكِي العَرَبِ، وهم عَبَدةُ الأوْثانِ، عطف على {أَهْلِ الْكِتَابِ}، ولا يحسن عطف "الْمُشْرِكِينَ" على {الَّذِينَ كَفَرُوا}؛


(١) المزمل ٢.
(٢) من أول قوله: "وإنما كُسرت النون لسكونها" نقله المؤلف بنصه تقريبًا عن مَكِّيِّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩، ومثالُ حَذْفِ النون من "لَمْ يَكُنْ" وقد وَقَعَ بعدها ساكنٌ في الشعر قول الشاعر:
لَمْ يَكُ الحَقُّ سِوَى أنْ هاجَهُ... رَسْمُ دارٍ قَدْ تَعَفَّى بِالسَّرَرْ
وقول الآخر:
فَإنْ لَمْ تَكُ المِرْآةُ أبْدَتْ وَسامةً... فَقَدْ أبْدَتِ المِرْآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ
وهو شاذٌّ عند سيبويه وأكثر النحويين، وأجازه يونس مُحْتَجًّا بمثل البيتين السابقين، ووافقه ابن مالك، ينظر: الكتاب ٤/ ١٨٤، المقتضب للمبرد ٣/ ١٦٧، الأصول لابن السراج ٢/ ٣٨٣، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٢٧١، المسائل المنثورة ص ١٥٣، المسائل العضديات ص ١٢٤ - ١٢٥، الخصائص ١/ ٨٩ - ٩٠، سر صناعة الإعراب ص ٥٤٠، شرح التسهيل لابن مالك ١/ ٣٦٦، شرح الكافية للرضي ٤/ ٢٠٩ - ٢١٠، ارتشاف الضرب ٣/ ١١٩٣، ١١٩٤، همع الهوامع ١/ ٣٨٧ - ٣٨٨، خزانة الأدب ٩/ ٣٠٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>