للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه يَنْقَلِبُ المعنى، ويصير المشركون من أهل الكتاب، وليسوا منهم (١).

وقرأ الأعمش: "والْمُشْرِكُونَ" رَفْعًا، وفي حرف أُبَيٍّ: "لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الْكِتابِ والْمُشْرِكُونَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنةُ. رَسُولًا مِنَ اللَّهِ" (٢)، بالنصب على القطع والحال، وقرأ الباقون: "رَسُولٌ" بالرفع على التفسير لِلْبَيِّنةِ والخَبَرِ عنها؛ أي: هِيَ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ (٣)، يعني النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومعنى قوله: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) أي: حَتَّى أتَتْهُمْ، لفظه مستقبل ومعناه المُضِيُّ كقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} (٤)؛ أي: ما تَلَتْ (٥)، وقال صاحب إنسان العين (٦): معناه: إلَى أنْ تَأْتِيَهُمْ؛ لأن {حَتَّى} من عوامل الأسماء، فلا بُدَّ من "أنْ" ليصير مع ما بعده مَصْدَرًا.


(١) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٨٩.
(٢) الذي رُويَ عن أُبَيٍّ أنه قرأ: {فما كانَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكُونَ. . . رَسُولًا}، وقرأ الأَعمشُ والنخعيُّ: {الْمُشْرِكُونَ} بالرفع، وقرأ بنصب الرسول، أيضًا، ابنُ مسعود، وقرأ ابنُ مسعود أيضًا: {لَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ وأَهْلِ الْكِتَابِ مُنْفَكِّينَ}، ورُوِيَ عنه أيضًا: {والْمُشْرِكُونَ مُنْفَكُّونَ} بالرفع فيهما، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٧٧، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٦٨، الكشف والبيان ١٠/ ٢٦١، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٤٠ - ١٤٢، البحر المحيط ٨/ ٤٩٥.
(٣) قاله الزجاج، وأجاز وجهًا آخَرَ، وهو أن يكون "رَسُولٌ" بدلًا من "البَيِّنةُ"، والوجهان قالهما النحاس أيضًا، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٤٩، إعراب القرآن ٥/ ٢٧٢، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٨٩، التبيان للعكبري ص ١٢٩٧.
(٤) البقرة ١٠٢.
(٥) هذا القول حكاه الأزهري عن نِفْطَوَيْهِ في تهذيب اللغة ٩/ ٤٥٨، وبه قال ابن فارس والواحدي وابن عطية، ينظر: الصاحبي لابن فارس ص ٣٦٤، الوسيط للواحدي ٤/ ٥٣٩، المحرر الوجيز لابن عطية ٥/ ٥٠٧، وذكر ابن منظور أنه قول نِفْطَويْهِ، ينظر: اللسان: فكك.
(٦) لَمْ يتحدث عن ذلك في عين المعانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>