للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تكون "فَعِيلةً" من البَرَى وهو التراب، فمجازه: المَخْلُوقُ من التُّرابِ (١)، وهو أيضًا على هذه القراءة من: بَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ، والقياس فيها الهَمْزُ، إلا أنه مِمّا تُرِكَ هَمْزُهُ كالنَّبِيِّ والذُّرِّيّةِ، والهَمْزُ فيه كالرَّدِّ إلَى الأصل المرفوض في الاستعمال (٢).

ثم ذكر مُسْتَقَرَّ المؤمنين، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. وهو ظاهر التفسير إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)} يعني: تَرَكَ في الدنيا مَعاصِيَهُ، وَعَمِلَ بِما يُرْضِيهِ.


= عن بَرِيّةٍ، فقال: هي من: بَرَأْتُ، وَتَحْقِيرُها بالهمز، كما أنك لو كَسَّرْتَ صَلَاةً رَدَدْتَ الياءَ، فقلتَ: أُصْلِيةٌ". الكتاب ٣/ ٤٦١، وقال الفراء: "ومن لَمْ يَهْمِزْها فقد تكون من هذا المعنى، ثم أجتمعوا على ترك هَمْزِها كما اجتمعوا على: يَرَى وَتَرَى وَنَرَى". معانِي القرآن ٣/ ٢٨٢.
(١) قال الفراء: "وإن أُخِذَتْ من البَرَى، كانت غيرَ مهموزة، والبَرَى: التَّرابُ". معانِي القرآن ٣/ ٢٨٢، وبه قال النَّحّاسُ في هذه القراءة في إعراب القرآن ٥/ ٢٧٤.
وَرَدَّ الزَّجّاجُ هذا الرأيَ، فقال: "جائزٌ أن يكون اشتقاقها من البَرَى وهو التُّرابُ، ولو كان كذلك لَما قَرَءُوا: "البَرِيئةِ" بالهمز، والكلام: بَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ يَبْرَؤُهُمْ، وَلَمْ يَحْكِ أحَدٌ: بَراهُمْ يَبْرِيهِمْ، فيكون اشتقاقه من البَرَى وهو التُّرابُ". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٥٠.
وقال الفارسي: "وَهَمْزُ مَنْ هَمَزَ "البَرِيئةِ" يَدُلُّ على فسادِ قَوْلِ مَنْ قال: إنه من البَرَى الذي هو التراب، ألا ترى أنه لو كان كذلك لَمْ يَجُزْ هَمْزُ مَنْ هَمَزَهُ على حالٍ إلا على وجه الغَلَطِ". الحجة ٤/ ١٣٥.
(٢) قاله ابن السكيت في إصلاح المنطق ص ٣٥٧، والفارسيُّ في الحجة ٤/ ١٣٥، وقال الأزهري: "وقال أبو عبيد: قال يونسُ: أهل مكة يخالفون غيرهم من العرب، فيهمزون النَّبِئَ والبَرِيئةَ والذَّرِيئةَ من: ذَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ، وذلك قليل". تهذيب اللغة ١٥/ ٢٧٠، وينظر: الوسيط ٤/ ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>