للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦)} خَبَرُ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، قرأ العامة بضم الياء، وقرأ الحسن وا لأعرج بفتح الياء (١)، والمعنى: لِيُرَوْا أجْرَ أعمالهم، وذلك أنهم يرجعون عن الموقف فِرَقًا؛ لِيَنْزِلُوا مَنازِلَهُمْ من الجنة والنار، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} يعني وَزْنَ نَمْلةٍ، أصْغَرُ ما يكون من النمل (٢) {خَيْرًا} أي: مِنْ خَيْرٍ {يَرَهُ (٧)} في كتابه يوم القيامة، فَيَفْرَحُ به {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا}؛ أي: مِنْ شَرٍّ {يَرَهُ} فِي كتابه، فَيَسُوؤُهُ ذلك، قال الشاعر:

٥٤٠ - إنَّ مَنْ يَعْتَدِي وَيَكْسِبُ إثْمًا... وَزْنَ مِثْقالِ ذَرّةٍ سَيَراهُ

وَيُجازَى بِفِعْلِهِ الشَّرَّ شَرًّا... وَبِفِعْل الجَمِيلِ أيضًا جَزاهُ

هَكَذا قَوْلُهُ -تَبارَكَ رَبِّي-... فِي "إذا زُلْزِلَتْ"، وَجَلَّ ثَناهُ (٣)

ومِثْقالٌ مِفْعالٌ من الثِّقَلِ، و"مَنْ" في موضع رفع بالابتداء، وهو اسمٌ تامٌّ، و {يَعْمَلْ} جزم بالشرط، و {خَيْرًا} منصوب على البيان أو بَدَلٌ من


(١) قرأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والحَسَنُ والأعْرَجُ وَقَتادةُ وَحَمّادُ بنُ سَلَمةَ والزُّهْرِيُّ وأبو حَيْوةَ وعيسى بن عُمَرَ، ونافعٌ في روايةٍ عنه، ونصرُ بنُ عاصم وطلحةُ: "لِيَرَوْا" بفتح الياء، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٧٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ٥١٦، شواذ القراءة ورقة ٢٦٨ - ٢٦٩، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٥٠، البحر المحيط ٨/ ٤٩٨.
(٢) قال أبو عبيدة: "أي: زِنةَ نَمْلةٍ صَغِيرةٍ". مجاز القرآن ١/ ٢٧٨، وقال ابن قتيبة: "مِثْقالَ ذَرّةٍ": وَزْنَ نَمْلةٍ صَغِيرةٍ". غريب القرآن ص ٥٣٥، وينظر: تهذيب اللغة ١٤/ ٤٠٥، الوسيط ٤/ ٥٤٣.
(٣) الأبيات من بحر الخفيف، لم أقف على قائلها، و"مَنْ" في قوله: "إنَّ مَنْ يَعْتَدِي" موصولة لا شرطية.
التحريج الكشف والبيان ١٠/ ٢٦٧، عين المعانِي ورقة ١٤٧/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>