للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَضَبُها وحَطَبُها، كلُّه بمعنًى واحدٍ، وهو ما تأكلُه النار. وقوله: {أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) أي: فيها داخلون.

قوله: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ} يعني: الأصنامَ {آلِهَةً} كما يزعُم الكفار {مَا وَرَدُوهَا} يعني: العابدينَ والمعبودين {وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا} يعني: في جهنَّم {زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)} قال ابن مسعود (١): إذا بقي في النار من يُخَلَّدُ فيها جُعِلُوا في توابيتَ من نار، ثم جُعِلَتْ تلك التوابيتُ في توابيتَ أخرى، فلا يسمعون شيئًا، ولا يَرَى أحدٌ منهم أنّ في النار أحدًا يُعَذَّبُ غيره.

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} قال قومٌ من العلماء (٢): "إِنَّ" هاهنا: استثناءٌ بمعنى "إِلّا"، وليس في القرآن سواه. والسَّبْقُ: تقدُّمُ الشيءِ على غيره، والحُسنى: السعادة والعِدةُ الجميلة بالجنة.

قوله: {أُولَئِكَ} يعني: الذين سبقت لهم من اللَّه الحسنى {عَنْهَا} يعني: عن النار {مُبْعَدُونَ (١٠١)} والإبعاد: طولُ المسافة.


= توفِّي بسامراء سنة (٢٣١ هـ)، من كتبه: النوادر: معاني الشعر، تاريخ القبائل. [إنباه الرواة ٣/ ١٢٨، الأعلام ٦/ ١٣١]. وينظر قوله في ياقوتة الصراط ص ٣٦٥.
(١) هذا الخبر رواه مجاهد في تفسيره ١/ ٤١٦، وينظر: جامع البيان ١٧/ ١٢٦، الكشف والبيان ٦/ ٣٠٩، زاد المسير ٥/ ٣٩١، ٣٩٢، تفسير القرطبي ١١/ ٣٤٥، الدر المنثور ٤/ ٣٣٩.
(٢) لم أقف على صاحب هذا القول، وقد ذكره الطبري بغير عزو، فقال: "فأما الذين قالوا: ذلك استثناء من قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}، فقَوْلٌ لا معنى له؛ لأن الاستثناء إنما هو إخراج المستثنى من المستثنى منه، ولا شك أن الذين سبقت لهم منا الحسنى إنما هم إما ملائكة وإما إنس أو جان، وكل هؤلاء إذا ذكرتْها العربُ فإن أكثر ما تذكرها بـ "مَنْ" لا بـ "ما"، واللَّه -تعالَى ذِكْرُهُ- إنما ذَكَرَ المعبودِينَ الذين أخبر أنهم حصب جهنم بـ "ما". جامع البيان ١٧/ ١٢٩، وينظر: الكشف والبيان ٦/ ٣٠٩، ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>