للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ أبو قِلَابةَ: "وامْرَأتُهُ حامِلةَ الْحَطَب" على "فاعِلةٍ"، وفي قراءة عبد اللَّه: "وَمُرَيْئَتُهُ حَمّالةٌ لِلْحَطَبِ" (١).

والحَطَبُ جَمْعٌ، واحدتها حَطَبةٌ، وقال بعض أهل اللغة (٢): الحَطَبُ هاهنا جَمْعُ الحاطِبِ، وهو الجانِي، يعني: أنها كانت تَحْمِلُهُمْ بِالنَّمِيمةِ على مُعاداتِهِ، ونظيره من الكلام: راصِدٌ وَرَصَدٌ، وَحارِسٌ وَحَرَسٌ، وَطالِبٌ وَطَلَبٌ، وَغائِبٌ وَغَيَبٌ.

والعِلّةُ في تشبيههم النميمةَ بالحَطَبِ أن الحَطَبَ يُوقَدُ ويُضْرَمُ، وكذلك النميمة، قال أكْثَمُ بنُ صَيْفِيٍّ (٣) لِبَنِيهِ: "إيّاكُمْ والنَّمِيمةَ، فَإنَّها نارٌ مُحْرِقةٌ، وَإنَّ النَّمّامَ لَيَعْمَلُ في ساعةٍ ما لا يَعْمَلُهُ السّاحِرُ في شَهْرٍ" (٤)، فنَظَمَهُ الشاعرُ فقال:

٥٦٧ - إنَّ النَّمِيمةَ نارٌ -وَيْكَ- مُحْرِقةٌ... فَفِرَّ عَنْها، وَحارِبْ مَنْ تَعاطاها (٥)

ولذلك قيل: نارُ الحِقْدِ لا تَخْبُو.


(١) قرأ ابن مسعود: "حَمّالةٌ لِلْحَطَبِ" بالرفع والنصب، وقرأ أيضًا: "وَمُرَيَّتُهُ"، ينظر في هذه القراءات: مختصر ابن خالويه ص ١٨٢، المحتسب ٢/ ٣٧٥، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٧٢، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٤٠، البحر المحيط ٨/ ٥٢٧.
(٢) ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان ١٠/ ٣٢٧، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٤٩/ أ، البحر المحيط ٨/ ٥٢٨.
(٣) أكْثَمُ بنُ صيْفِيِّ بنِ رِياحِ بن الحارِثِ التَّمِيمِيِّ، حكيم العرب فِي الجاهلية، وَأحَدُ المُعَمِّرِينَ، أدرك الإسلام، وقصد المدينة في مائة من قومه ليسلموا، فمات بالطريق سنة ٥٩، وأسلم أصحابه، وهو المَعْنِيُّ بقوله تعالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}. [الإصابة ١/ ٣٥٠، الأعلام ٢/ ٦].
(٤) هذا القول لِلُقْمانَ الحَكِيمِ كما ذكر الخوارزمي في المناقب والمثالب ص ٤٠٧، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٢٧، عين المعانِي ورقة ١٤٩/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٣٩.
(٥) البيت من البسيط، لَمْ أقف على قائله.
التخريج: الكشف والبيان ١٠/ ٣٢٧، عين المعانِي ورقة ١٤٩/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>