للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس -رضي اللَّه عنه- (١): هو الواحد الذي ليس كمثله شيء.

ولا فرق بين الواحد والأحَدِ عند أكثر العلماء، وَفَرَّقَ قَوْمٌ بينهما، فقال بعضهم: الواحِدُ لِلْفَضْلِ والأحَدُ لِلْعامّةِ، وقيل: هو واحِدٌ بِصِفاتِهِ أحَدٌ بِذاتِهِ، وقيل: إن الأحَدَ يَدُلُّ على أزَلِيَّتِهِ وَأوَّلِيَّتِهِ، ولأن الواحد في الأعداد رُكْنُها وَأصْلُها وَمُبْتَدَؤُها، والأحَدُ يَدُلُّ على بَيْنُونَتِهِ من خَلْقِهِ في جميع الصفات ونَفْيِ أبْوابِ الشِّرْكِ عنه (٢).

والأحَدُ بُنِيَ لِنَفْيِ ما يُذْكَرُ معه من العَدَدِ، والواحِدُ اسمٌ لِمُفْتَتَحِ العَدَدِ، فالأحَدُ يَصْلُحُ في الكلام فِي موضع الجُحُودِ، والواحِدُ في موضع الإثبات، تقول: لَمْ يَأْتِنِي مِنْهُمْ أحَدٌ، وَجاءَنِي مِنْهُمْ واحِدٌ، ولا يُقال: جاءَنِي مِنْهُمْ أحَدٌ؛ لأنك إذا قلتَ: لَمْ يَأْتِنِي منهم أحَدٌ، فالمعنى: لا واحِدٌ أتانِي ولا اثنانِ، فإذا قلت: جاءَنِي منهم واحِدٌ، فالمعنى: أنه لَمْ يَأْتِ اثنانِ (٣).


= "هُوَ" بِمَنْزِلةِ الهاء في "إنَّهُ". ولا يكون العماد مُسْتَأْنَفًا به حتى يكون قبله "إنَّ" أو بعض أخواتها أو "كانَ" أو الظَّنُّ". معانِي القرآن ٣/ ٢٩٩.
وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٧٧، إعراب القرآن ٥/ ٣٠٨، وفيه أوجه أخرى، ينظر: إعراب ثلاثين سورة ص ٢٢٨، كشف المشكلات ٢/ ٤٣٠، التبيان للعكبري ص ١٣٠٩، الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٧٤٧.
(١) ينظر قوله في الوسيط للواحدي ٤/ ٥٧١.
(٢) هذه الأقوال ذكرها الثعلبي في الكشف والبيان ١٠/ ٣٣٣،. وينظر: عين المعانِي ١٤٩/ ب.
(٣) من أول قوله: "والأحَدُ بُنِيَ لِنَفْيِ ما يُذْكَرُ معه" حكاه الأزهري بنصه تقريبًا عن بعضهم في تهذيب اللغة ٥/ ١٩٤ - ١٩٥، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٣٣ - ٣٣٤، عين المعانِي ورقة ١٤٩/ ب، اللسان: وحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>