للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّوَى} (١)، فانْفَلَقَ الحَبُّ والنَّوَى، وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْفَلِقُ عن شَيْءٍ فَهُوَ فَلَقٌ (٢)، فالأرحام تَنْفَلِقُ عن الحيوان، والحَبُّ والنَّوَى يَنْفَلِقانِ عَمّا فيهما، والإصْباحُ يَنْفَلِقُ عن الليل، واللَّه -سبحانه- رَبُّ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَمَرْبُوبٍ.

قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)} من الجن والإنس، و {ومَا} هو بمعنى "الَّذِي"، والضمير مَحْذُوفٌ من الصِّلةِ، وَدَلَّ ذلك على أن اللَّه تعالَى خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (٣).

قوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)} الغاسِقُ: اللَّيْلُ إذا أقْبَلَتْ


(١) الأنعام ٩٥.
(٢) فهو "فَعَلٌ" بمعنى "مَفْعُولٍ"، قاله الزمخشري في الكشاف ٤/ ٣٠٠، وينظر: البحر المحيط ٨/ ٥٣٢.
(٣) ويجوز أن تكون، "ما" مصدرية، فلا تحتاج إلَى عائد، ويكون المعنى: مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ، والوجهان قالهما النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٣١٣، وقالهما مَكِّيٌّ، أيضًا، ثم قال: "ومن قرأ: "مِنْ شَرٍّ" بالتنوين فقد ألْحَدَ، وَغَيَّرَ اللَّفْظَ والمعنى؛ لأنه يجعل "ما" نفيًا، ويقدم "مِنْ" وهي متعلقة عنده بـ "خَلَقَ"، فيقدم ما بعد النفي عليه، وذلك لا يجوز عند جميع النحويين؛ لأن تقديره عنده: ما خَلَقَ مِنْ شَرٍّ، فيُخرج الكلامِ عن حَدِّهِ ومعناه، ويصير إلَى النَّفْيِ، فبعدما هو دعاء وَتَعَوُّذٌ يصير خَبَرًا نَفْيًا معترضًا بين تَعَوُّذيْنِ، وذلك إلْحادٌ ظاهر وَخَطَأٌ بَيِّنٌ". مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥١١.
وقد خَرَّجَ الأنباريُّ قراءةَ التنوين في "شَرٍّ" على وجهٍ آخَرَ، فقال: "وَقُرِئَ: "مِنْ شَرٍّ ما خَلَقَ" بتنوين "شَرٍّ"، وهذه القراءة تُرْوَى عن أبِي حنيفة، و"ما" فيها أيضًا، مصدرية كالقراءة المشهورة، ويكون "ما" في موضع جَرٍّ على البدل من "شَرٍّ"؛ أي: مِنْ خَلْقِهِ. وَتَوَهَّمَ قَوْمٌ أن "ما" نافية على تقدير: ما خَلَقَ مِنْ شَرِّ، وهذا وهم ظاهر الفساد؛ لأن ما بعد النفي لا يجوز أن يتعلق بما قبله". البيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ٥٤٨، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٧٥١، البحر المحيط ٨/ ٥٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>