للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظُلْمَتُهُ من المشرق فدخل في النهار (١)، وأصل الغَسَقِ: الظُّلْمةُ، يقال: غَسَقَ اللَّيْلُ وَأغْسَقَ: إذا أظْلَمَ (٢)، وقيل (٣): سُمِّيَ اللَّيْلُ غاسِقًا؛ لأنه أبْرَدُ من النهار، والغَسَقُ: البَرْدُ.

وقال ثَعْلَبٌ (٤): الغاسِقُ هو القَمَرُ، بدليل ما رُوِيَ عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: أخَذَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدِي، ثُمَّ نَظَرَ إلَى القَمَرِ، فَقالَ: "يا عائِشةُ! تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إذا وَقَبَ، هَذا الغاسِقُ إذا وَقَبَ" (٥).

والوُقُوبُ: الدُّخُولُ بَعْدَ شَرِّهِ، والمعنى: وَمِنْ شَرِّ مُظْلِمٍ إذا دَخَلَ، وَمَنْ قال: الغاسِقُ: القَمَرُ، فمعنى {إِذَا وَقَبَ}؛ أي: إذا انْكَسَفَ، وهو دُخُولُهُ في غَيْرِ أبْراجِهِ (٦).

قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)} يعني الساحرات اللاتِي يَنْفُثْنَ في عُقَدِ الخَيْطِ حِينَ يَرْقِينَ، والنَّفْثُ يُشْبِهُ النَّفْخَ وهو أقَلُّ من التَّفْلِ (٧)،


(١) قاله ابن عباس، ينظر: الوسيط للواحدي ٤/ ٥٧٣.
(٢) قاله الأزهري في تهذيب اللغة ١٦/ ١٢٥، والسجستانِيُّ في غريب القرآن ص ١٨٥، وابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص ٢٣٤.
(٣) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٧٩، وحكاه الأزهري عنه في تهذيب اللغة ١٦/ ١٢٦، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٤٠.
(٤) قول ثعلب حكاه عنه أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٦٠٩، ٦١٠، وينظر: المحكم والمحيط الأعظم ٥/ ٢٢٨، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٥٧، اللسان: غسق.
(٥) رواه الإمام أحمد في المسند ٦/ ٦١، ٢٠٦، ٢١٥، ٢٣٧، ٢٥٢، والترمذي في سننه ٥/ ١٢٢ أبواب تفسير القرآن: سورتا المعوذتين، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٤٠ كتاب التفسير: سورة الفلق.
(٦) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٦١٠ - ٦١١.
(٧) لأن التَّفْلَ لا يكون إلّا ومعه شيءٌ بلا من الريق، قاله الأزهري في تهذيب اللغة ١٥/ ١٠٣، وينظر: اللسان: نفث.

<<  <  ج: ص:  >  >>