للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} (١)، قال الزَّجّاج (٢): وهذا يوصَفُ به المتكبرُ، والمعنى: ومنَ الناس من يجادلُ في اللَّه متكبرًا. وهو منصوبٌ على الحال.

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} الآيةَ، يعني: على شكٍّ، وأصلُه: من حرفِ الشيء، وهو طَرَفُه، نحوَ حَرْفِ الجبل والحائط الذي القائمُ عليه غيرُ مستقرٍّ، فالذي يَعبُد اللَّه على حرفٍ كالذي هو على حرفِ جبل أو نحوه يضطربُ اضطرابًا، ويَضْعُفُ قيامُهُ خوفًا من السقوط (٣).

وقوله: {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ}؛ أي: إن أصابه رخاءٌ وعافيةٌ وخِصْبٌ وكثرةُ مالٍ {اطْمَأَنَّ} على عبادة اللَّه بذلك الخير، {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ}؛ أي: اختبارٌ بِجَدْبٍ وقلةِ مالٍ {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}؛ أي: رَجَع عن دينه إلى الكفر وعبادة الأوثان، وقولُه: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} يعني: هذا الشاكُّ خسرَ دنياه، حيث لم يظفَرْ بما طلب من المال، وخسر آخِرته بارتداده عن الدين، {ذَلِكَ} يعني: الذي فَعَل {هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)} يعني: الضَّرَر الظاهر.

قوله: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ}: هذا المرتدُّ {مَا لَا يَضُرُّهُ} إن لم يعبُدْه {وَمَا لَا يَنْفَعُهُ} إن أطاعَه، {ذَلِكَ} الذي فَعَل {هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢)} يريد: عن الحقِّ والرُّشد.

قولُه: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} قيل (٤): اللام: صِلةٌ، مجازُها:


(١) المنافقون ٥، وينظر في هذه الأقوال التي ذكرها المؤلف: جامع البيان ١٧/ ١٥٩، ١٦٠، الكشف والبيان ٧/ ٩، عين المعاني ورقة ٨٥/ أ، البحر المحيط ٦/ ٣٢٩.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤١٤.
(٣) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٢٦١.
(٤) قاله الفراء في المعانِي ٢/ ٢١٧، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٠، البحر المحيط ٦/ ٣٣٢، مغني اللبيب ص ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>