للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت النار: خَلَقَني اللَّه تعالى لعقوبتِه، وقالت الجنّة: خَلَقَني اللَّه تعالى لرحمته.

والصَّحيح هو القولُ الأول، وأنّ الآيةَ نزلت في الستّة الذين تقدَّم ذكرُهم، رُوِيَ ذلك عن أبي ذرٍّ، أنه أقسم باللَّه لقد نَزَلت فيهم، رواه البخاري ومسلم (١).

قولُه: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} قال الأزهَريّ (٢): سُوِّيَتْ وجُعِلَتْ لَبُوسًا لهم (٣) {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩)} وهو الماءُ الحارّ {يُصْهَرُ بِهِ}؛ أي: يذابُ بالحميم {مَا فِي بُطُونِهِمْ} من الشُّحوم {وَالْجُلُودُ (٢٠)} فتُشْوَى جُلُودُهم منه، فتَتَساقَطُ مِنْ حَرِّها، يقال: صَهَرْتُ الأَلْيةَ والشَّحْمَ بالنار: إذا أَذَبْتَهُما صَهْرًا (٤)، وقال الشاعر:

١٣ - فَظَلَّ مُرْتَبِئًا لِلشَّمْسِ تَصْهَرُهُ... حَتَّى إِذا الشَّمْسُ مالَتْ جانِبًا عَدَلا (٥)

و"ما" في موضع رَفْع بفعلِ ما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، والجلودُ: عطفٌ على "ما".


(١) صحيح البخاري ٥/ ٦، ٧ كتاب المغازي/ باب غزوة بدر، صحيح مسلم ٨/ ٢٤٥، ٢٤٦ كتاب التفسير/ سورة الحج.
(٢) هو: محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة، أبو منصور الأزهري الهروي الشافعي، ارتحل في طلب العلم، وكان رأسًا في اللغة والفقه ثبتًا دَيِّنًا ثقة، توفِّي ببلده هَراةَ سنة (٣٧٠ هـ)، من كتبه: تهذيب اللغة، علل القراءات، تفسير إصلاح المنطق. [إنباه الرواة ٤/ ١٧٧ - ١٨١ بغية الوعاة ١/ ١٩، ٢٠، الأعلام ٥/ ٣١١].
(٣) تهذيب اللغة ١/ ١٨٨.
(٤) قاله الليث والأصمعي، ينظر: تهذيب اللغة ٦/ ١٠٩، وينظر: اللسان: صهر. وأَلْيةُ الشّاةِ: ما رَكِبَ ظَهْرَها من الشحم واللحم.
(٥) البيت من البسيط، للأخطل يصف الحرباء الذي يرقب الشمس، والضمير في قوله: "فظل" للحرباء، ورواية ديوانه: "يَظَلُّ مُرْتَبِيًا. . إِذا رَأَى الشُّمْسَ مالَتْ"، وينسب لذي الرمة، وهو في ملحقات ديوانه.
اللغة: رَبَأَ للقوم: كان لهم رَبِيئةً أي: عَيْنا يَرْقُبُ لهم، قال الزمخشري: ومن المجاز: ارتبأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>