للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليكون أخفَّ، وقيل (١): إنها بمعنى المصدر، تقديره: هل يُذهِبَنَّ كيدُه غيظَه؟

قولُه: {هَذَانِ خَصْمَانِ} ابتداءٌ وخبرٌ، {اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}؛ أي: في دينه وأمره، والخَصْمُ: اسمٌ شبيهٌ بوصف المصدر، والمصدر لا يُثنَّى ولا يُجمَع، يقال: رَجُلٌ خَصْمٌ، ورَجُلَانِ خَصْمٌ، ورِجالٌ خَصْمٌ، وامرأةٌ خَصْمٌ، ونساءٌ خَصْمٌ، يستوي فيه الواحدُ والتثنية والجَمْع والمذكَّر والمؤنَّث؛ لأنه وَصْفٌ بالمصدر، والمصدر لا يُثَنَّى ولا يُجمَع، فأمّا قوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ} فمعناه: فريقان، فلذلك قال: {اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، نظيرها قولُه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} (٢)، ومثله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (٣)، وقرأ ابنُ كثيرٍ بتشديد النون (٤).

واختلفوا في هذَيْنِ الخصمَيْنِ، من هما؟ فقيل: نزلت هذه الآيةُ في ستةٍ من قريش تبارَزوا يومَ بدر، وهم: عليٌّ وحمزةُ وعُبيدةُ بن الحارث وعُتبةُ وشَيْبة ابنا ربيعةَ والوليدُ بن عُتبة، وقيل (٥): هم أهل الكتاب والمؤمنون، وقيل (٦): هم المؤمنون والكافرون كُلُّهُم من أَيِّ مِلّةٍ كانوا، وقيل (٧): هما الجنّة والنار اختصمتا


(١) هذا ما ذهب إليه الفراء والزجاج كما هو واضح من تأويلهما للآية، معاني القرآن للفراء ٢/ ٢١٨، معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤١٧، وينظر: جامع البيان ١٧/ ١٦٩، البحر المحيط ٦/ ٣٣٣، الدر المصون ٥/ ١٣٢.
(٢) ص ٢١.
(٣) الحجرات ٩، وينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٢٠.
(٤) بتشديد النون مع المد الطويل، ينظر: السبعة ص ٤٣٥، النشر ٢/ ٢٤٨، الإتحاف ٢/ ٢٧٢.
(٥) قاله ابن عباس وقتادة، انظر: الكشف والبيان ٧/ ١٣، عين المعاني ورقة ٨٥/ أ.
(٦) قاله مجاهد وعطاء وعاصم بن أبي النجود والكلبي، انظر: الكشف والبيان ٧/ ١٣.
(٧) قاله عكرمة، انظر: الكشف والبيان ٧/ ١٤، زاد المسير ٥/ ٤١٧، عين المعانِي ورقة ٨٥/ أ، الدر المنثور ٤/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>