للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسِ سنين، خرجتُ من بيتي ولم يكن في رأسي ولحيتي شيب، فقلتُ: هذا -واللَّه- الجَهْدُ البَيِّن والطاعةُ الجميلة والمحبّةُ الصادقة، فضحك في وجهي، وأنشأ يقول:

١٥ - زُرْ مَنْ هَوِيتَ وإنْ شَطَّتْ بك الدارُ... وحالَ مِنْ دُونِها حُجْبٌ وأستارُ

لا يَمْنَعَنَّكَ بُعْدٌ مِنْ زِيارَتِهِ... إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يَهْواهُ زَوّارُ (١)

قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} يعني: من الأنعام التي تُنْحَرُ، وهو أمرُ إباحة، وليس بواجب، وإنّما قال ذلك لأنّ أهلَ الجاهلية كانوا ينحَرون ويذبحون ولا يأكلون من لحوم هداياهم شيئًا، فأَعْلَمَ اللَّهُ تعالى أن ذلك جائزٌ (٢).

قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)} يعني: الزَّمِنَ الفقيرَ الذي لا شيءَ له، يقال: بَئِسَ الرجلُ يَبْأَسُ بُؤْسًا: إذا اشتدت حاجتُه فهو بائس.

قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (٢٩)} اختلف القُرّاءُ في هذه اللام (٣)، فكسَرَها بعضُهم، وفَرَّقوا بين {ثُمَّ} والواو والفاء؛ لأن {ثُمَّ} مفصولٌ من الكلام، والواو والفاء كأنّهما من نفس الكلمة، وجَزَمَهما الآخَرون لأنها كلمةٌ لإثبات الأمر.


(١) هذه القصة وردت في الكشف والبيان ٧/ ١٩، ورواها النسفي في تفسيره ببعض الاختلاف، فقد قال: "قال محمد بن ياسين: قال لي شيخ في الطواف: من أين أنت؟. . . . إلخ"، ورواية البيت الأول فيه:
زُرْ مَنْ تُحِبُّ. . . . . . ... وَحالَ مِنْ دُونِهِ تُرْبٌ وَأَحْجارُ
التخريج: تفسير النسفي ٢/ ٤٣٥، عين المعاني ٨٥/ ب، المستطرف ١/ ١٩٠.
(٢) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٢٣، معاني القرآن ٤/ ٤٠١، ٤٠٢، وينظر: تفسير القرطبي ١٢/ ٤٦.
(٣) سبق التعرض لهذه القراءة عند تخريج قراءة {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} ١/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>