للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى: فاجتنبوا الرِّجسَ الذي هو وَثَنٌ {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} ثم ضَرَب لمن أشرك به مَثَلًا، فقال: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ}؛ أي: سقط {مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}؛ أي: تأخذه بسرعة، من قولهم: خَطِفَ يَخْطَفُ خَطْفًا: إذا سَلَبه، ومنه قوله: {يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} (١)، قال ابن عباس: يريد: تخطَفُ لحمَه. {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}؛ أي: تُسقِطه {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١)} بعيد، يقال: سحُقَ يَسْحُقُ سُحْقًا، فهو سَحِيقٌ. قرأ نافع (٢): {فَتَخْطَفُهُ} بالتشديد (٣)، وقَرأَ الباقون بالتخفيف.

قوله: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} يريد: استعظامَ البُدُن واستسمانُها واستحسانَها، والشعائر: جمع الشَّعيرة، وهي: البُدْنُ إذا أُشْعِرَتْ؛ أي: أُعْلِمَتْ بحديدةٍ في صَفْحةِ سَنامِها الأيمنِ ليُعْلَمَ أنها هَدْيٌ {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)} يعني: فإنّ تعظيمها، ثم حذَفَ المضاف لدلالة "يُعَظِّمْ" على التعظيم (٤)، وأضاف التقوى إلى القلوب لأن حقيقةَ التقوى تَقْوَى القلوبِ.

قوله: {لَكُمْ فِيهَا}؛ أي: في الشعائريه {مَنَافِعُ} بركوبها وشرب لبنها


(١) البقرة ٢٠.
(٢) هو: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء، أبو رويم المدني، أحد القراء السبعة، كان شديد السواد صبيح الوجه حسن الخلق فيه دعابة، أصله من أصبهان، اشتهر بالمدينة وانتهت إليه رياسة القراءة فيها، وأقرأ الناس نَيِّفًا وسبعين سنة وتوفِّي بها سنة (١٦٩ هـ). [غاية النهاية ٢/ ٣٣٠: ٣٣٤، الأعلام ٨/ ٥، ٦].
(٣) وهذه قراءة أبي جعفر المدني أيضًا، ينظر: السبعة ص ٤٣٦، البحر المحيط ٦/ ٣٤٠، الإتحاف ٢/ ٢٧٤.
(٤) ويرى الزمخشري أن التقدير: فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب، فحذفت هذه المضافات، الكشاف ٣/ ١٣، ١٤، وينظر أيضًا: التبيان للعكبري ص ٩٤١، البحر المحيط ٦/ ٣٤٠، الدر المصون ٥/ ١٤٧، همع الهوامع ٢/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>