للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن احتيج (١) إليه {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} يعني: إلى أن تُنحَر {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) أي: مَنْحَرُها عند البيت العتيق، يعنِي: أرضَ الحرم كلَّها، نظيره قوله تعالى: "فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا" (٢) يريد: الحرمَ كلَّه.

وسُمِّيَ البيتَ العتيقَ لأنّ اللَّه تعالى أعتَقَه من الجبابرة فلم يَظْهَرْ عليه جَبّارٌ قَطُّ، رَوَى ذلك عبدُ اللَّه بن الزُّبير، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).

وقيل (٤): سُمِّيَ عتيقًا لقِدَمِهِ، بدليل قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}؛ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكّةَ مُبارَكًا (٥)، وقيل (٦): لِكَرَمِهِ، وقيل (٧): لأنَّهُ أُعْتِقَ يوم الطُّوفان من الغرق.

قولُه تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ}؛ أي: جماعةٍ مؤمنة سَلَفت قبلَكم {جَعَلْنَا مَنْسَكًا} قَرأَ أهلُ الكوفة إلّا عاصمًا بكسرِ السين في الموضعَيْن: على معنى الاسم (٨) مثلَ: المجلِس والمطلِع؛ أي: مَذْبَحًا، وهو موضعُ القربان، وقَرأَ


(١) في الأصل: "احتاج".
(٢) التوبة ٢٨.
(٣) روى الترمذي بسنده عن عبد اللَّه بن الزبير، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّما سُمِّيَ البَيْتُ العَتِيقُ لأَنَّهُ لم يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبّارٌ"، ورُوِيَ عن الزهري مرسلًا. سنن الترمذي ٥/ ٦، ٧ أبواب التفسير/ سورة الحج، ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٨٩، كتاب التفسير/ تفسير سورة الحج، وينظر: الدر المنثور ٤/ ٣٥٧.
(٤) ذكره ابن الأنباري في الزاهر ٢/ ١٧٨.
(٥) آل عمران ٩٦.
(٦) ذكره ابن الأنباري في الزاهر ٢/ ١٧٨.
(٧) المصدر السابق ٢/ ١٧٨.
(٨) بكسر السين في الموضعين قرأ الأعمش وحمزة والكسائي وخلفٌ، وأبو عمرو في روايةٍ، وقرأ الباقون وأبو عمرو بالفتح، ينظر: السبعة ص ٤٣٦، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١١٩، البحر المحيط ٦/ ٣٤١، الإتحاف ٢/ ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>