للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقونَ بالفتح فيهما على المصدر، مثلَ: المَدْخَلِ والمَخْرَجِ، وهو: إِهْراقُ الدماء وذَبْحُ القرابين.

والفتح أَوْلى؛ لأنّ المصدر من هذا الباب بفتح العين (١)، يقال: نَسَكَ يَنْسُكُ: إذا ذَبَحَ القُرْبانَ، وأصل المَنْسَكِ -في كلام العرب-: الموضعُ المعتاد لعملِ خيرٍ أو شرّ، يقال: إنّ لفلانٍ (٢) منسَكًا؛ أي: مكانًا يغشاه ويألَفُه للعبادة، ومنه مناسكُ الحجِّ لِتَرَدُّدِ الناس إلى الأماكن التي تُعمَلُ فيها أعمال الحج والعمرة (٣).

قوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ}؛ أي: على نَحْر ما رَزَقَهم {مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}؛ أي: لا ينبغي أن تذكروا على ذبائحكم إلّا اللَّهَ وحدَه {فَلَهُ أَسْلِمُوا}؛ أي: انقادوا وأطيعوا {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤)} يعني: المتواضعينَ المطمئنِّين إلى اللَّه، ثم وَصَفَهم فقال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ أي: إذا خُوِّفوا باللَّه خافوا {وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} من البلاءِ والمصائبِ في طاعة اللَّه.

ومحَلُّ "الَّذِينَ": نصبٌ، نعتٌ للمُخْبِتين، ويجوزُ أن يكون نصبًا على المدح، ويجوز أن يكونَ رفعًا على أنه خبرُ ابتداءٍ محذوف تقديرُه: هم الذين (٤)،


(١) يعني باب "فَعَلَ يَفْعُلُ" فقياس أسماء المكان منها "مَفْعَلٌ" بفتح العين، إلّا ما سمع عن العرب على "مَفْعِلٍ" بكسرها، قال الفراء: "والمَنْسِكُ لأهل الحجاز، والمَنْسَكُ لبني أسد". معاني القرآن ٢/ ٢٣٠، وينظر في هذه المسألة: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٢٦، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٩٧، ٩٨ إعراب القراءات السبع ٢/ ٧٧، ٧٨، تهذيب اللغة ١٠/ ٧٤، معاني القراءات ٢/ ١٨٠، ١٨١، شرح الشافية للرضي ٢/ ١٨١، ١٨٢.
(٢) في الأصل: "لفلانا".
(٣) قاله الفراء والنحاس، ينظر: معاني القرآن ٢/ ٢٣٠، إعراب القرآن ٣/ ٩٨.
(٤) ينظر في هذه الأوجه الإعرابية: التبيان للعكبري ص ٩٤٢، الدر المصون ٥/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>