للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقدرَ عليهم (١)، وقرأ هاهنا وفي سبأٍ مكيٌّ وأبو عَمْرو (٢): {مُعْجِّزِينَ}؛ أي: مُثَبِّطِينَ عن الإيمان، وقيل: مُبَطِّئِينَ، وقيل: فائتين، وهو منصوبٌ على الحال، ثم أَخْبر عن هؤلاءِ أنهم أصحابُ النار بقوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٥١)}.

قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}، المُرْسَلُ: الذي يُنزَلُ عليه كتابٌ، وغيرُ المرسَل: الذي يُبعَثُ بغيرِ كتاب.

الفَرْقُ بينَ النَّبِيِّ المرسَل وغيرِ المرسَل: أن المرسَل هو: الذي يأتيه جِبريلُ عليه السّلام بالوحي عِيانًا وشِفاهًا، وغيرُ المرسَل هو: الذي تكون نبوّتُه إلهامًا أو منامًا، فكلُّ رسولٍ نبيّ، وليس كلُّ نبيٍّ رسولًا.

قوله {نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى}؛ أي: إذا تلا القرآنَ {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ (٥٢) أي: تلاوته، وذلك أنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان حريصًا على إيمان قومه، فجلس يومًا في مجلسٍ لهم، وقَرأَ عليهم سُورةَ النَّجم، فلمّا أتَى على قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} (٣)، ألقى الشّيطانُ في أمنيّتِه حتَّى وَصَل به: تِلكَ الغَرانيقَ (٤) العُلَى، وإنّ شفاعتَهنَّ لَتُرْتَجَى، ففرح المشركونَ


(١) ينظر في هذه الأقوال: جامع البيان ١٧/ ٢٤٣، ٢٤٤ معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٣٣، إعراب القراءات السبع ٢/ ٨٢، ٨٣، معاني القراءات ٢/ ١٨٤، ١٨٥، عين المعاني ورقة ٨٧/ أ.
(٢) وهي أيضًا قراءة ابن كثير واليزيدي وابن محيصن والجحدري وأبي السمال والزعفراني، ينظر: السبعة ص ٤٣٩، حجة القراءات ص ٤٨٠، التيسير ص ٥٨١، تفسير القرطبي ١٢/ ٧٩، البحر المحيط ٦/ ٣٥١، الإتحاف ٢/ ٢٧٨.
(٣) النجم ١٩، ٢٠.
(٤) الغرانيق: الأصنام، جمع غُرْنُوقٍ وغِرْتِيقٍ، وهي في الأصل: طائر أبيض أو أسود من طير الماء طويل العنق، اللسان: غرنق.

<<  <  ج: ص:  >  >>