للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بئرٍ معطَّلةٍ وقصرٍ مَشِيد تَرَكوا بعد إهلاكهم، والمُعَطَّلةُ: المتروكةُ من العمل والاستسقاء، ومعنى التعطيل: التركُ من العمل، والمَشِيدُ: المُطَوَّلُ المرفوع، مأخوذٌ من قولهم: شادَ بِناءَهُ: إذا رَفَعه (١)، وقد ذكرنا ذلك في سورة النِّساء في قوله تعالى: {بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (٢).

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} يريد: في أرضِ اليمن والشام {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} ما يرَوْن من العِبَر ممّا نزل بمن كذَّب قبلَهم {أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} أخبارَ الأُممِ المكذِّبة، قال ابنُ قُتيبة (٣): وهل شَيْءٌ أَبْلَغُ في العِظةِ والعِبْرةِ من هذه الآية؟ ونصْبُ {فَتَكُونَ} على جواب الجحد بالفاء.

ثم قال تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} قال الفَرّاء (٤) والزَّجّاج (٥): هذا من التوكيد الذي تزيده العربُ في الكلام، كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (٦)، وقوله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (٧)، وقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ} (٨).

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}؛ أي: عَمِلوا في إبطال آياتنا مغالِبينَ مُشاقِّينَ، وقيل: مسابِقين، وقيل: معانِدين، وقيل: ظانِّينَ أنْ لا


(١) ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٢٩٤، غريب القرآن للسجستاني ص ١٠٩، الوسيط ٣/ ٢٧٤.
(٢) النساء ٧٨، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب أيضًا.
(٣) تأويل مشكل القرآن ص ١٠.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٢٢٨.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٣٢.
(٦) البقرة ١٩٦.
(٧) الأنعام ٣٨.
(٨) آل عمران ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>