للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ}؛ أي: أمهَلْتُ {لِلْكَافِرِينَ} وأَخَّرْتُ عقوبتَهم، يقال: أَمْلَى اللَّهُ لفلان في العمُر: إذا أخَّر عنه أجَلَه، وقوله: {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} يريد: بالعذاب {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٤٤) أي: إنكاري بالعذابِ والهلاك؟ وهذا استفهامٌ معناه التقرير، والنكير: اسمٌ من الإنكار، ومحَلُّه رفعٌ؛ لأنَّهُ اسم {كَانَ}، قَرأَ ورشٌ: {نَكِيرِي} بياءٍ في الوصل فقط، وقَرأَ الباقونَ بالحذف (١).

قوله: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ}؛ أي: فكم من قرية {أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} يعني: وأهلُها ظالمون، فنَسَب الظلمَ إلى القرية لقُرب الجِوار. قَرأَ ابنُ كثير (٢): {وَكائِنْ} بالمدِّ، وقد ذَكَر في آل عمران (٣)، وقرأ أبو عَمْرو (٤): {أَهْلَكْتُها} بالتاء، على الفعل الواحد، وهو الاختيارُ، لقوله: {فَأَمْلَيْتُ}، وقرأ الباقون: {أَهْلَكْنَهُا} على التعظيم {فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ (٤٥)} عطفٌ على قوله: {مِنْ قَرْيَةٍ} (٥)؛ لأن المعنى: وكم من


(١) قرأ ورش عن نافع: {نكيري} بياء في الوصل فقط، وأثبتها يعقوب في الحالين، ينظر: السبعة ص ٤٤١، مختصر ابن خالويه ص ٩٨، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٢٤، التيسير ص ١٨٥، الإتحاف ٢/ ٢٧٧.
(٢) وهي أيضًا قراءة أبي جعفر، ينظر: النشر ٢/ ٢٤٢، الإتحاف ٢/ ٢٧٧.
(٣) يشير إلى قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} الآية: ١٤٦، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٤) وهذه أيضًا قراءة عاصم في رواية أبي بكر عنه، وقراءة يعقوب واليزيدي والحسن، ينظر: السبعة ص ٤٣٨ حجة القراءات ص ٤٧٩، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٢١، التيسير ص ١٥٧، الإتحاف ٢/ ٢٧٧.
(٥) قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ١٠٢، ويرى الفراء أن قوله: {وَبِئْرٍ} معطوف على {عُرُوشِهَا}، معانِي القرآن ٢/ ٢٢٨، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٠٠، البيان للأنباري ٢/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>