للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} يُقرَأُ بإثبات الألف وحذفِها (١)، وقد تقدَّم ذكره في سورة البقرة (٢)، وقوله: {لَهُدِمَتْ} يقال: هَدَمتُ البناءَ: إذا نقَضتَه وانهدم، قَرأَ نافعٌ وابنُ كثير بتخفيفِ الدال (٣)، وقَرأَ الباقونَ بالتشديد، وأظهرَ التاءَ نافعٌ وابنُ كثير وعاصم، وأدغَمَها الباقون، والتخفيفُ يكون للقليل والكثير (٤)، والتشديدُ يختص به الكثير.

وقوله: {صَوَامِعُ} هي: منازلُ الرُّهبان {وَبِيَعٌ} جَمْع: بَيْعةِ النصارى، {وَصَلَوَاتٌ} يعني: كنائسَ اليهود، وهي بالعبرانيّة صُلُوثا، {وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا (٤٠)} يعني: مساجدَ المسلمين من أُمّة محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونَصْبُ {كَثِيرًا} على النَّعت لمصدرٍ محذوف، أراد: ذِكْرًا كثيرًا، ويقال: ومعنى الآية يقولُ: لولا دفاعُ اللَّه الناسَ عن الفساد ببعضِ الناس لهُدِم في شريعةِ كلِّ نبيٍّ المكانُ الذي يُصلَّى فيه، فلولا الدَّفْعُ لَهُدِّمَ في زمن موسى الكنائسُ، وفي زمن عيسى الصَّوامعُ والبِيَعُ، وفي زمن محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- المساجدُ.


(١) قرأ نافع وأبو جعفر ويعقوب والحسن: "دفاع اللَّه" بالألف، وقرأ الباقون بغير ألف، ينظر: معاني القرآن ٢/ ٢٢٧، السبعة ص ٤٣٧، النشر ٢/ ٢٣٠، التيسير ص ٨٢، الإتحاف ٢/ ٢٧٦.
(٢) يشير إلى قوله، تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} البقرة ٢٥١، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٣) قرأ بالتخفيف أيضًا أبو جعفر وابن محيصن وأيوب وقتادة وطلحة، والأعمش في رواية زائِدة عنه، والشنبوذيُّ والزعفرانيُّ، وأدغم التاء من {لَهُدِّمَتْ} في الصاد من {صَوَامِعُ} أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف وابن عامر، ينظر: السبعة ص ٤٣٧، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٢١، حجة القراءات ص ٤٧٩، التيسير ص ١٥٧، البحر المحيط ٦/ ٣٤٧، الإتحاف ٢/ ٢٧٦، ٢٧٧.
(٤) في الأصل: "والتشديد والتخفيف يكون للقليل الكثير"، والصواب ما أُثْبِتَ، وينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٧٨، الحجة للفارسي ٣/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>