للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذُبَابًا} مع صِغَره وقلّته {وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} مما عليهم، وذلك أنّهم كانوا يَطْلُونَ أصنامَهم بالزَّعفران فتَجِفُّ، فتأتي الذُّباب فتختلسه.

وقيل: كانوا يجعَلون للأصنام طعامًا فيقعُ عليه الذُّباب، فيأكل منه فلا يقدِرون أن يستردُّوه من الذباب، فذلك قوله تعالى: {لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} وفي الآية معنى الشَّرط والجزاء.

ثم قال تعالى: {مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣)} قيل: الطالب: الصَّنم، وقيل: المطلوب: الذُّباب، وقيل: الطالبُ: الكافرُ؛ لأنَّهُ طَلَب إلى هذا الصنم التقرُّبَ إليه، والمطلوب: الصَّنم؛ أي: ضَعُف العابدُ والمعبود.

ثم قال: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}؛ أي: ما عظَّموه حقَّ عظَمته حيث جعلوا هؤلاءِ الأصنامَ شُركاءَ له {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ} على خَلْقِه {عَزِيزٌ (٧٤)} في مُلكِه.

وقوله -تعالى عَزَّ وَجَلَّ-: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} يريدُ: جميعَ أعمال الطاعة، وهو منصوبٌ على المصدر، وحقُّ الجهاد أن يكون بنيّةٍ صادقة خالصة للَّه، {هُوَ اجْتَبَاكُمْ}؛ أي: اختاركم واصطفاكم لديه {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}؛ أي: ضِيقٍ، قيل: أراد الرُّخَصَ عند الضرورات كالقَصْرِ والتَّيَمُّمِ وأكل المَيْتة والإفطار عندَ المرض والسفر، وهذا قولُ مُقاتلٍ (١)


(١) مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء أبو الحسن البلخي من أعلام المفسرين، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة، ودخل بغداد فحدث بها، وتوفِّي بالبصرة سنة (١٥٠ هـ)، كان متروك الحديث، من كتبه: التفسير الكبير، نوادر التفسير، الناسخ والمنسوخ. [سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٠١، الأعلام ٧/ ٢٨١].

<<  <  ج: ص:  >  >>