للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكلبِيِّ، واختيارُ الزَّجّاجِ (١)، وقال ابنُ عباس (٢): الحَرَج: ما جُعِل على بني إسرائيلَ من الإصرِ والشدائد التي كانت عليهم، وَضَعَها اللَّه عن هذه الأُمةِ رحمةً منه وتفضيلًا عليهم ليزدادوا شكرًا.

قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}: هو نصبٌ على الإغراءِ والأمر؛ أي: الْزَمُوا واتَّبِعُوا مِلّةَ أبيكم إبراهيم، وهذا قولُ الأخفش والمبرّد (٣) والزَّجّاج (٤).

وقال الفَرّاء (٥): هو نصبٌ بنَزْع حرفِ الصِّفة؛ أي: كمِلّةِ أبيكم، ومعناه حُرمةُ إبراهيمَ على المسلمين كحُرمة الوالد، كما قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (٦)، وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا لكم مِثْلُ الوالد" (٧)، والخطابُ إن كان للعرب خاصةً فإبراهيمُ عليه السّلام أبو العرب قاطبةً، وإن كان الخطابُ عامًّا فهو أبو المسلمين كافةً؛ لأنّ حُرمتَه وحقَّه عليهم كحقِّ الوالد، وأُمِرنا باتّباع مِلّته؛ لأنها داخلةٌ في مِلّةِ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقوله: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} يعني: أنّ اللَّهَ سمّاكم بهذا الاسم من قبلِ إنزال القرآن في الكتُب التي أُنزِلت قبلَه، وقيل: معنى قوله: {مِنْ قَبْلُ}


(١) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٤٠.
(٢) ينظر قوله في معاني القرآن للنحاس ٤/ ٤٣٥.
(٣) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ٣٦، الوسيط ٣/ ٢٨٢.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٤٠.
(٥) معاني القرآن ٢/ ٢٣١، وحرف الصفة مصطلح كوفي يراد به حرف الجر.
(٦) الأحزاب ٦.
(٧) هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة في المسند ٢/ ٢٥٠، والدارمي في سننه ١/ ١٧٢، ١٧٣ كتاب الصلاة. والطهارة/ باب الاستنجاء بالأحجار، وابن ماجه في سننه ١/ ١١٤ كتاب الطهارة/ باب الاستنجاء بالحجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>