للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُبُورةَ (١) كانت لهارونَ في الأصل، وقد أُمِرا ألّا يُسْرِجا القَنادِيلَ بنار أهل الدنيا، فأبطأت النارُ ذاتَ ليلةٍ على ابنَيْ هارون، فاستعجلا فأَسْرَجا القناديلَ بنار أهل الدنيا، فلمّا جاءت النار أكلت ابْنَي هارُونَ، فصرخ الصّارخُ إلى موسى -عَلَيْهِ السَّلَام-، فجاء موسى يدعو ربَّه ويقول: يا رَبِّ! ابنا هارونَ أخي، قد عرفتَ مكانَهما مِنِّي، فأوحى اللَّه تعالى إليه: "يا ابنَ عِمران: هكذا أفعل بأوليائي إذا عصَوْنِي، فكيف بأعدائي؟ " (٢).

قوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ. . . . (٢٨)} الآيةَ. ومحَلُّ "مَنْ": رفْعٌ بالعطف على "أنت" (٣)، ومحَلُّ "أنت": رفعٌ؛ لأنَّهُ بدلٌ من التاء في قوله: {اسْتَوَيْتَ}، ومحَلُّ التاء: رفعٌ لأنه فاعل.

قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} قرأه العامّةُ بضمِّ الميم وفتح الزاي على المصدر؛ أي: إنزالًا مباركًا، وقَرأ أبو بكرٍ (٤) بفتح الميم وكسرِ الزاي يريد: مَوضِعًا. {وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩)} قال ابن عباس: يريد: من السفينة، ولذلك قيل له: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} (٥)، وهذا جوابُ دعائه.


(١) الحُبُورةُ: العلم والحكمة، والحبورة أيضًا: رئاسة المذبح وبيت القربان.
(٢) ينظر: فيض القدير للمناوي ٤/ ١٤٦، ١٤٧.
(٣) "مَنْ": معطوف على تاء الفاعل في "اسْتَوَيْتَ"، وليس معطوفًا على "أَنْتَ"؛ لأنَّهُ لا موضع له؛ فإنه ضمير منفصل جيء به لتوكيد الضمير المتصل، وهو تاء الفاعل في "اسْتَوَيْتَ"، ليصح العطف على هذا الضمير المتصل.
(٤) قرأ أبو بكر عن عاصم والمفضلُ وزر بن حبيش وأبو حيوة وابن أبِي عبلة وأبانٌ: {مِنْزِلا} بفتح الميم وكسر الزاي، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: {مُنْزَلًا} بضم الميم وفتح الزاي، ينظر: السبعة ص ٤٤٥، الحجة للفارسي ٣/ ١٨١، تفسير القرطبي ١٢/ ١٢٠، التيسير ص ١٥٩، البحر المحيط ٦/ ٢٧٢، الإتحاف ٢/ ٢٨٣.
(٥) هود ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>