للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} (١) وأمثالِه، فخُوطِبَ على هذا كما ابْتُدِئَ بلفظِ التعظيم.

وقال بعضُهم (٢): هذه المسألة إنّما كانت منه للملائكة الذين يقبِضون روحَه، وإنما ابتدأ الكلامَ بخطاب اللَّه -عليه السّلام- لأنه استغاث أولًا باللَّه تعالى، ثم رَجَع إلى مسألة الملائكة وطَلَب الرجوعَ إلى الدنيا.

قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ}؛ أي: تَسْفَعُ، ويقال: تَنْفَحُ بمعناه، إلا أنَّ {تَلْفَحُ} أبلغ بأسًا (٣)، ومعنى {تَلْفَحُ}؛ أي: يصيبهم حَرُّها، واللَّفْحُ: الإحراق، يقال: لَفَحَتْهُ النارُ والسَّمُومُ: إذا أحرقتْهُ (٤)، واللَّفْحُ أيضًا: الحرارة، والنَّفْحُ في الريح: الباردُ (٥).

وقوله: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤) أي: عابسون، وهو ابتداء وخبر، ويجوز النَّصبُ في غير القرآنِ على الحال، والكُلُوحُ: بُدُوُّ الأسنان عند العُبُوسِ، وقال الزَّجّاج (٦): الكالحُ في كلام العرب: الذي قد تَشَمَّرَتْ شَفَتاهُ وبَدَتْ أسنانُهُ كما


(١) ق ٤٣.
(٢) قاله ابن جريج، واختاره الطبري، ينظر: جامع البيان ١٨/ ٦٨، الكشف والبيان ٧/ ٥٦، تفسير القرطبي ١٢/ ١٤٩.
(٣) قاله الزَّجّاج والنحاس، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٣، إعراب القرآن ٣/ ١٢٣، وينظر أيضًا: التهذيب ٥/ ٧٣.
(٤) قاله الجوهري في الصحاح ١/ ٤٠١.
(٥) قال الأزهري: "قال ابن الأعرابِي: اللَّفْحُ: لكل حارٍّ، والنَّفْحُ: لكلِّ بارِدٍ". التهذيب ٥/ ٧٣، ١١٢، وقال الجوهري: "قال الأصمعي: ما كان من الرياح لَفْحٌ فهو حَرٌّ، وما كان من الرياح نَفْحٌ فهو بَرْدٌ". الصحاح ١/ ٤٠١.
(٦) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٣ مع اختلاف كبير في الألفاظ، ولكن هذا الكلام بنصه للنحاس في إعراب القرآن ٣/ ١٢٣، فيبدو أن المؤلف أخطأ في نسبة هذا النقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>