للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرَى رُؤُوسُ الغَنَمِ. وثَناياهُ خارجةٌ مِنْ فِيهِ، بين شفتَيْه أربعونَ (١) ذراعًا بذراع الرجل الطويل من الخَلْقِ الأول، كلُّ نابٍ له مثلُ جَبَلِ أُحُدٍ، وقد جاء في الحديث، عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعنى هذا، قال: "تَحْرِقُ أَحَدَهُمُ النّارُ، فتتقلَّص شفَتُه العليا، حتى تبلغَ وسَطَ رأسه، وتسترخيَ شفَتُه السُّفلى حتى تبلغَ سُرّتَه" (٢).

قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي (١٠٩)} قال ابن عباس: يريد المهاجرين، والهاءُ في قوله: {إِنَّهُ}: عمادٌ، وتُسمَّى المجهولةَ أيضًا (٣)، قال مجاهدٌ: هم: بلالٌ وخَبّابٌ وصُهَيْبٌ وعَمّارٌ وغيرهم من ضعفاءِ المسلمين، كان أبو جَهْل وأصحابه يَهْزَءُونَ بهم، فنزل قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا (١١٠)}.

قرأ أهلُ المدينة والكوفة إلّا عاصمًا بضمِّ السِّين، هاهنا وفي سورة {ص} (٤)، وقرأ الباقونَ بكسرها (٥)، قال الخليل وسيبوَيْه (٦): هما لغتانِ، مثل


(١) في الأصل: "أربعين".
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٨٨، والترمذي في سننه ٤/ ١٠٩ أبواب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، ٥/ ١٠ أبواب تفسير القرآن: سورة المؤمنين، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٩٥ كتاب التفسير: سورة المؤمنون.
(٣) الهاء ضمير الشأن كما يسميها البصريون، وهو ما يعرف عند الكوفيين بالعماد أو المجهولة، ينظر: مصطلحات النحو الكوفي ص ٤٧، ٤٨، ٦٦ - ٧١.
(٤) يعني قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}. ص ٦٣.
(٥) قرأ: {سُخْرِيًّا} بالضم هنا وفي {ص} ابنُ مسعود ونافعٌ وحمزةُ والكسائيُّ وأبو جعفر وخلفٌ والأعمشُ وابنُ أبِي إسحاق والأعرجُ، وقرأ بالضم في {ص} فقط الحسنُ ومجاهد وشيبة والضحاك وابنُ وثاب، وعاصمٌ في رواية المفضل عنه، وقرأ الباقون بالكسر هنا وفي {ص}، ينظر: السبعة ص ٤٤٨، ٥٥٦، إعراب القراءات السبع ٢/ ٩٥، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٣١، تفسير القرطبي ١٢/ ١٥٤، البحر المحيط ٦/ ٣٨٩، ٧/ ٣٨٩، الإتحاف ٢/ ٢٨٨، ٤٢٤.
(٦) قول الخليل وسيبويه لم أقف عليه في الكتاب، وإنما حكاه عنهما الزجاج في معاني القرآن =

<<  <  ج: ص:  >  >>