للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلبثوا إلّا يومًا أو بعضَ يوم لِعِظَمِ ما هم بصَدَدِهِ من العذاب، وقوله: {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (١١٣)} يعني: الملائكة، {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}: نعتٌ لمصدرٍ محذوف معناه: إلّا لُبْثًا قليلًا (١) {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)} قَدْرَ لُبْثِكُمْ في الدنيا؛ لأن مُكْثَهُمْ في القبور -وإن طال- فهو مُتَناهٍ قليلٌ عند طول مُكْثهِمْ في عذاب جهنَّم؛ لأنه خلودٌ لا نهاية له.

قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}؛ أي: لعبًا وباطلًا، لا لِحِكْمةٍ، والعبث في اللغة: اللعب والعمل لا لغرضٍ، يقال: عَبَثَ يَعْبَثُ عَبَثًا فهو عابثٌ: لاعبٌ بما لا يعنيه (٢)، وهو منصوبٌ على الحال عند سيبوَيْه (٣) وقُطرُب (٤)، مَجازُهُ: عابِثِينَ، وقال أبو عُبيد (٥): على المصدر (٦)، وبعضٌ نُحاة الكوفة نَصَبَهُ على الظرف، أي: بالعبَث (٧)، وبعض نُحاة البصرة نَصبَه على المفعول له؛ أي: للعبث (٨).


(١) أو نعتٌ لظرف محذوف تقديره: زمنًا قليلًا، ينظر: التبيان ص ٩٦٢، الدر المصون ٥/ ٢٠٥.
(٢) قاله الأزهري في التهذيب ٢/ ٣٣٢.
(٣) لم يذكر سيبويه هذه الآية، وإنما تحدث عن وقوع المصدر حالًا في نحو: قَتَلْتُهُ صَبْرًا، ولَقِيتُهُ فُجاءةً ومُفاجَأةً وكِفاحًا ومُكافَحةً. الكتاب ١/ ٣٧٠.
(٤) ينظر قول قطرب في الكشف والبيان ٧/ ٥٩، الكشاف ٣/ ٤٥، تفسير القرطبي ١٢/ ١٥٦، الدر المصون ٥/ ٢٠٥.
(٥) هو: القاسم بن سلام الهَرَوِيُّ الأزدي بالولاء، إمامٌ في اللغة والنحو والأدب، من أهل هَراةَ، ولد وتعلم بها، رحل إلى بغداد ثم إلى مصر، ثم حج وتوفي بمكة سنة (٢٢٤ هـ)، من كتبه: غريب الحديث، الغريب المصنف، الأمثال، المقصور والممدود. [إنباه الرواة ٣/ ١٢ - ٢٣، الأعلام ٥/ ١٧٦].
(٦) قول أبي عُبَيْدٍ في الكشف والبيان ٧/ ٥٩، وحكاه القرطبي عن أبي عبيدة في تفسيره ١٢/ ١٥٦، والسجاوندي في عين المعاني ورقة ٨٨/ ب.
(٧) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٥٩، عين المعاني ورقة ٨٨/ ب.
(٨) قاله الأزهري في التهذيب ٢/ ٣٣٢، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ٥٩، الوسيط ٣/ ٣٠٠، الكشاف ٣/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>