للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَلْقَ؟ قال: لأن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- كان محسنًا بما لم يزَلْ فيما لم يَزَلْ على ما لم يَزَلْ، فأراد سبحانه وتعالى أن يفوِّض إحسانَه إلى خلقه، وكان غنيًّا عنهم، لم يخلُقْهم لِجَرِّ منفعة، ولا لدفع مَضَرّةٍ، ولكنْ خَلَقَهُمْ وأَحْسَنَ إليهم، وأرسل إليهم الرُّسُلَ حتى يفصِلوا بين الحقِّ والباطل، فمن أطاعه كافأه بالجنة، ومن عصاه كافأه بالنار (١).

وقال محمد بن عَلِيٍّ الترمذيُّ (٢): إنّ اللَّهَ تعالى خَلَق الخلق عبيدًا ليعبدوه، فيُثِيبَهُمْ على العبادة، ويُعاقِبَهُم على تَرْكها، فإن عبدوه فهم اليومَ عبيدٌ أحرارٌ كرام، وغدًا أحرارٌ وملوكٌ في دار السلام، وإن رفَضوا العبادة فهم اليومَ عبيدٌ أُبّاقٌ سِفْلةٌ لئامٌ، وغدًا أعداءٌ في السجون بين أطباقِ النيران.

وقيل (٣): خَلَق اللَّه الملائكةَ للقُدرة، وخَلَق الأنبياءَ للعبرة، وخَلَق آدمَ للمحنة. وقيل: خَلَقهم لإظهار القدرة، ثم رَزَقهم لإظهار الكرم، ثم يميتهم لإظهار القهر والجَبَروت، ثم يُحييهم لإظهار العدل والفضل، والثواب


= عبد اللَّه الصادقُ، سادس الأئمة الاثني عشر، من أجلاء التابعين، أخذ عنه أبو حنيفة ومالك، ولد بالمدينة، وتوفِّي بها سنة (١٤٨ هـ). [سير أعلام النبلاء ٦/ ٢٥٥: ٢٧٠، الأعلام ٢/ ١٢٦].
(١) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٦٠.
(٢) محمد بن عَلِيِّ بن الحسن بن بشر، أبو عبد اللَّه الحكيم الترمذي، محدث حافظ صوفي، سمع الكثير بخراسان والعراق وقدم نيسابور وحَدَّثَ بها، وتُوُفِّيَ بعد سنة (٣١٨ هـ). من كتبه: رياضة النفس، علل العبودية. [حلية الأولياء ١٠/ ٢٣٣ - ٢٣٥، سير أعلام النبلاء ١٣/ ٤٣٩ - ٤٤٢، الأعلام ٦/ ٢٧٢]، وينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ٦٠، تفسير القرطبي ١٢/ ١٥٦.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>