للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنك إذا خَفَّفْتَ والأصلُ التثقيلُ، فتُخَفِّفُ وتضمرُ الشأنَ، بأن تجيءَ بالأصل ولا تحذفَ شيئًا ولا تُضْمِرَ، أجودُ. وقرأ الباقونَ بتشديد "أَنَّ" ونصبِ اللعنة.

قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} قَرأه العامّةُ بالرَّفع على الابتداء، وخبَرُه في "أَنَّ"، وكذلك حُكمُ الآية التي قبلَها حُكمُها، فتَرفَعُ "الْخامِسةُ" بـ "أَنَّ"، و"أَنَّ" بالخامسة، وقَرأَ حفصٌ وطلحةُ وأبو عبد الرحمن السُّلمي (١) بالنَّصب (٢)، على معنى: وتَشْهَدُ الشهادةَ الخامسةَ، ولا خلافَ في التي قبلَها (٣)، وقرأ نافعٌ (٤): {أَنْ} بالتخفيف {غَضِبَ اللَّهُ} مثل: سَمِعَ اللَّهُ، على الفعل، وقرأ الباقونَ بتشديد "أَنَّ" ونَصْب الغضب على الاسم.

قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}؛ أي: سَتْرُه {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)} وجواب "لَوْلا" محذوفٌ، يعني: لَعاجَلَكُمْ بالعقوبة وفَضَحَكُم، ولكنه سَتَرَ عليكم ورَفَعَ عنكم الحَدَّ باللِّعانِ حِكْمةً منه ورَحْمةً، {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} يعود على من رَجَع عن معاصي اللَّه إلى ما يحب بالرحمة {حَكِيمٌ} فيما فَرَضَ من الحدود.


(١) هو: عبد اللَّه بن حبيب بن رُبَيِّعةَ الكوفي، من أولاد الصحابة ولد في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قرأ القرآن ومهر فيه، وعرض على عثمان وعَلِيٍّ وابن مسعود رِضي اللَّه عنهما، وأقرأَ الناسَ في المسجد الأعظم أربعين سنة، وكان ثقة رفيع المحل، توفِّي سنة (٧٣ هـ). [تاريخ بغداد ٩/ ٤٣٠، غاية النهاية ١/ ٤١٣، سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٦٧ - ٢٧٢].
(٢) ينظر: السبعة ص ٤٥٣، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٣٥، تفسير القرطبي ١٢/ ١٨٣، البحر المحيط ٦/ ٣٩٩، الإتحاف ٢/ ٢٩٣.
(٣) لا، بل هناك خلافٌ، فقد قرأ طلحة والسلمي والحسن والأعمش وخالد بن إلياس: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ} بالنصب، ينظر: حجة القراءات ص ٤٩٥، تفسير القرطبي ١٢/ ١٨٣، مفاتيح الغيب ٢٣/ ١٦٦، البحر المحيط ٦/ ٣٩٩.
(٤) ينظر: السبعة ص ٤٥٣، حجة القراءات ص ٤٩٦، البحر المحيط ٦/ ٣٩٩، الإتحاف ٢/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>