للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّودِ، فإنّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَستحيي أن يعذِّبَ وجهًا مليحًا بالنار" (١).

قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} يعني: إماءكم {عَلَى الْبِغَاءِ}؛ أي: الزِّنا {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا (٣٢)} يعني: إِذْ أَرَدْنَ، وليس معناه الشرط (٢)؛ لأنه لا يجوزُ إكراهُهنَّ على الزنا إن لم يُردْنَ تحصنًا، نظيرُها قوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٣) يعني: إِذْ كُنْتُمْ، وقوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٤)؛ أي: إِذْ كُنْتُمْ، وقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (٥)؛ أي: إِذْ شاءَ اللَّهُ.

وقال الواحدي (٦): إنما شَرَطَ إرادةَ التحصُّن لأنّ الإكراه لا يُتَصَوَّرُ إلا عندَ إرادة التحصُّن، فإن لم تُرِدِ المرأةُ التحصنَ باغَتْ بالطبع.

والتحصُّن: التعفُّف والتزويج.


(١) هذا الحديث أيضًا موضوع ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ١/ ١٦١، وينظر: ميزان الاعتدال ١/ ٥٠٩، ٢/ ٢٣١، تذكرة الموضوعات ص ١٦٢.
(٢) هذا قول الكوفيين كما ذكر الرماني وابن فارس وغيرهما في مثل هذه الآية، قال الرماني: "وزعم الكوفيون أنها تأتي بمعنى "إذْ"، قالوا ذلك في قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}، زعموا أن معناه: إذْ شاء اللَّه، والبصريون يأبون ذلك ويقولون: "إِنْ" هاهنا شرط على بابها، وإنما جاء هذا على تقدير التأديب للعباد ليتادبوا بذلك". حروف المعاني ص ٧٦، وينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٤٠، معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥٣٣، الصاحبي ص ١٧٧، الأزهية ص ٥٥، الجنى الدانِي ص ٢١٢، مغني اللبيب ص ٣٩، همع الهوامع ١/ ٣٩٦.
(٣) البقرة ٢٧٨.
(٤) آل عمران ١٣٩.
(٥) الفتح ٢٧.
(٦) الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٣/ ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>