للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلت هذه الآيةُ في مُعاذةَ ومُسَيْكةَ جارِيَتَي عبدِ اللَّه بن أُبَيِّ، كان يُكرِهُهما على الزنا بضريبةٍ يأخذُها منهما، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية، يؤاجِرون إماءَهم، فلمّا جاء الإسلام قالت مُعاذةُ لمُسَيْكة: إنّ هذا الأمرَ الذي نحن فيه لا يختلف من وجهَيْن، فإن يكُ خيرًا فقد استكثَرْنا منه، وإن يكُ شرًّا فقد آنَ لنا أن ندعَه، فأنزل اللَّه هذه الآية (١).

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يعني: هادي أهلِ السماواتِ والأرض، لا هاديَ فيهما غيرُه، فهم -بنُوره- إلى الحقِّ يهتدون، وبُهداه من حَيْرة الضلالة يَنْجُون، وليس يهتدي مَلَكٌ مقرَّب، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ إلا بِهُدًى منه.

وقيل: معناه: مُزَيِّنُ السماواتِ بالشمس والقمر والنجوم، ومُزَيِّنُ الأرض بالأنبياءِ والعلماء والمؤمنين.

ومعنى النُّور في اللغة: الضِّياء، وهو الذي يُبَيِّنُ الأشياءَ، ويُرِي الأبصارَ حقيقةَ ما تراه، قال بعضُ العلماء: النُّور على أربعة أوجه: نُورٌ مُتَلأْلِئٌ، ونورٌ مُتَوَلِّدٌ، ونورٌ من جهة صفاءِ اللون، ونورٌ من جهة المدح، فالنُّور المتلألئُ مثلُ قُرص الشمس والقمر والكواكب وشعلة السِّراج، والنور المتولِّد هو الذي يتولد من شُعاع الشمس والقمر والسراج فيقعُ على الأرض فتستنير به، والذي هو من صفاءِ اللون مثلُ نور اللآلئ واليواقيت وسائرِ الجواهر وكلِّ شيءٍ له نورٌ صافٍ، والذي هو من جهة المدح قولُ الناس: فلانٌ نُورُ البلد وشمسُ العصر، قال النابغة:


(١) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٩٩، أسباب النزول ص ١٢٩، ٢٢٠، زاد المسير ٦/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>