للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ضَرَب لهم مثلًا، فقال: {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}، قال أهل المعانِي: هذا من المقلوب، أي: كمصباح في مشكاة، وهي: الكُوّةُ التي لا مَنْفَذَ لها، فهو أَجْمَعُ للضوء (١)، وأصلُها الوعاءُ يُجْعَلُ فيه الشيءُ، والمِشكاةُ: وعاءٌ من أَدَمٍ يُبَرَّدُ فيها الماءُ، وهي على وزن "مِفْعَلة" كالمِقْراةِ والمِصْفاةِ (٢)، قال الشاعر:

٤٤ - كأَنَّ عَيْنَيْهِ مِشْكاتانِ مِنْ حَجَرٍ... فاضا افْتِياضًا بِأَطْرافِ المَناقِيرِ (٣)

وقرأ الدُّورِيُّ (٤) عن الكسائي (٥): {كَمِشْكَاةٍ} بالإمالة، والمِصباح: السِّراج، وأصلُه الضُّوء ومنه: الصُّبح، ورجلٌ صَبِيحُ الوجهِ ومُصْبِحٌ: إذا كان وضيئًا.

وفَرَّقوا بينَ المِصباح والسِّراج، فقال الخليل (٦): المصباح: السِّراجُ بالمِسْرَجةِ، وقيل: هو موضعُ الفتيلة، والسِّراج: نفسُ السراج.


(١) قوله: "وهي الكوة. . . إلخ" قاله ابن قتيبة وأبو عمر الزاهد، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٠٥، ياقوتة الصراط ص ٣٧٧.
(٢) ينظر: تفسير القرطبي ١٢/ ٢٥٧.
(٣) من البسيط، لأبِي زُبَيْدٍ الطائيِّ يصف عَيْنَي أسدٍ، ويُرْوَى:
كان عينيه في وَقْبَيْنِ. . . . . . ... قِيضا اقْتِياضًا. . . . . . .
اللغة: المشكاة: الكُوّةُ غير النافذة قِيضا: حُفِرا، والقَيْضُ: قشرة البيضة العليا، وقاضَها الطائرُ: شَقَّها عن الفَرْخِ فانقاضت؛ أي: انشقت، الوَقْبُ في الحَجَرِ: نُقْرةٌ يجتمع فيها الماء.
التخريج: الشعر والشعراء ص ٦٨٥، الصناعتين ص ١٣٤، الكشف والبيان ٧/ ١٠٢، عين المعانِي ورقة ٩٠/ أ، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٥٨.
(٤) هو: حفص بن عمر بن عبد العزيز الأزدي، أبو عمر الدُّورِيُّ، إمام القراء في عصره، كان ثقة ضابطًا، ضريرًا، وهو أول من جمع القراءات، توفِّي بالرِّيِّ سنة (٢٤٦ هـ)، من كتبه: ما اتفقت ألفاظه ومعانيه من القرآن قراءات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. [غاية النهاية ١/ ٢٥٥: ٢٥٧، الأعلام ٢/ ٢٦٤].
(٥) ينظر: السبعة ص ٤٥٥، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٠٧، الإتحاف ٢/ ٢٩٧.
(٦) قال الخليل: "والمصباح: السراج بالمِسْرَجةِ، والمصباح: نفس السراج، وهو قُرْطُهُ الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>