للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصباح: نُورُ الاعتقاد على نورِ الإقرار، والشجرةُ: النبيُّ محمدٌ -عليه السّلام- لا غُلُوَّ في هَدْيِهِ ولا تَقْصِيرَ، فإنّ في أهل الشرقِ شدّةً، وفي أهل الغرب لِينًا.

ورُوِيَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "المؤمنُ نُورٌ، وكلامُه نُور، وعمَلُه نور، ومدخَلُه في نور، فهو نُورٌ على نُور" (١).

{يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} يعني: لِدِينِهِ الإسلامِ، وإن شئتَ قلت: للقرآن، {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ}؛ أي: يبيِّن الأشياءَ للناس تقريبًا إلى الأفهام، وتسهيلًا لسبل دار السلام، {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)} بأهل النُّور والظلام.

قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} يعني: المساجدَ، أَمَرَ اللَّهُ أن تُبْنَى، والمرادُ برَفْعها: بناؤها، كقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} (٢)، وقيل: المعنى: أن تُعَظَّمَ عن الكلام بالخَنا، {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}؛ أي: يُوَحَّدَ اللَّهُ فيها {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا}؛ أي: يُصَلِّي للَّه في تلك البيوت، يعني: الصَّلواتِ المفروضة {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦)} يعني: بِالبُكَرِ والعَشايا.

وقرأ ابنُ عامر، وأبو بكرٍ في روايته عن عاصمٍ، والحَسَنُ (٣): {يُسَبِّحُ لَهُ} بفتح الباء، على الفعل المَجهول، أي: يُصَلَّى للَّهِ فيها بالغدوِّ والآصال، ثم فَسَّرَ مَنْ يُصَلِّي فيها، فقال: {رِجَالٌ} كأنه قيل: مَنْ يُسَبِّحُ فيها؟ فقال: {رِجَالٌ}.


(١) رواه الطبري عن أُبَيِّ بن كعب في جامع البيان ١٨/ ١٨٤، وينظر: زاد المسير ٦/ ٤٥، عين المعانِي ورقة ٩٠/ أ.
(٢) البقرة ١٢٧.
(٣) وقرأ بفتح الباء أيضًا: حفصٌ في رواية البحتري عنه، وأبو عمرو في رواية محبوب عنه، ويعقوبُ في رواية المنهال عنه، والمفضلُ، ينظر: السبعة ص ٤٥٦، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٠٩، ١١٠، حجة القراءات ص ٥٠١، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٧٥، البحر المحيط ٦/ ٤٢١، الإتحاف ٢/ ٢٩٨، ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>