للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذه القراءة: {رِجَالٌ}: رَفْعٌ على خبرِ ابتداءٍ محذوف، تقديرُه: المُسَبِّحُ: رِجالٌ (١)، وعلى القراءة الأخرى رَفعٌ بفعلِهم، {لَا تُلْهِيهِمْ}؛ أي: لا تشغَلُهم {تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} قال الواقدي (٢): أراد بالتجارة: الشِّراءَ، نظيرُها قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا} (٣) يعني بالتجارة: الشِّراء. وقال الفَرّاء (٤): التجارةُ لأهل الجَلَبِ، والبيعُ: ما باعَهُ الرجلُ على يَدَيْهِ.

قوله: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ (٣٧) أي: إقامةِ الصَّلاة، فحُذِفَ الهاءُ الزائدةُ لأجل الإضافة؛ لأن الخافضَ وما خَفَض عندَهم كالحرف الواحد، فاستغنَوْا بالمضاف إليه عن الهاء؛ إذْ كانت الهاءُ عِوضًا عن الواو؛ ولأنّ أصلَ الكلمة:


(١) هذا القول ذكره العكبري في التبيان ص ٩٧١، والمنتجب في الفريد ٣/ ٦٠١، غير أن المشهور في توجيه هذه القراءة أن "رِجالٌ": فاعل بفعل محذوف، والتقدير: يُسَبِّحُهُ رِجالٌ، ومثله بيت الكتاب:
لِيُبْكَ يَزِيدُ ضارِعٌ لِخُصُومةٍ... وَمُخْتَبطٌ مِمّا تُطِيحُ الطَّوائِحُ
أي: لِيَبْكِهِ ضارِعٌ، ينظر: الكتاب ١/ ٢٨٨، معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٥٣، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٤٥، ٤٦، إعراب القرآن ٣/ ١٣٩، ويجوز في "رِجالٌ" وجهٌ آخَرُ، وهو أن يكون فاعلًا بالجارِّ والمجرور على مذهب الكوفيين والأخفش، قال ابن الأنباري: "أن يرتفع الرجال بقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ. . . رِجَالٌ} ". في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ. "رِجالٌ". إيضاح الوقف والابتداء ص ٧٩٨، وينظر: الفريد ٣/ ٦٠١.
(٢) هو: محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، أبو عبد اللَّه المدني الواقدي، من أقدم المؤرخين ومن حفاظ الحديث، ولد بالمدينة، وانتقل للعراق سنة (١٨٠ هـ)، فقَرَّبَهُ الرشيدُ، وَلِي قضاء بغداد، وتوفِّي بها سنة (٢٠٧ هـ)، من كتبه: المغازي النبوية، تفسير القرآن. [تاريخ بغداد ٣/ ٣ - ٢١، وفيات الأعيان ٤/ ٣٤٨، الأعلام ٦/ ٣١١]، وينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ١٠٩.
(٣) الجمعة ١١.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>