للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ البَزِّيُّ (١): {سَحَابُ}: بالرُّفع من غير تنوين {ظُلُمَاتٍ}: بالجرِّ على الإضافة، وقرأ الباقون (٢): {سَحَابٌ}. {ظُلُمَاتٌ}: خبرُ ابتداءٍ محذوف، تقديره: هذه ظلماتٌ. {بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} يعني: ظلمةُ البحر وظلمةُ الموج فوقَ الموج وظلمةِ السحاب، والسحابُ: جمعُ سحابة، والتذكير على اللفظ، يقال: طُفْتُ بين الكوفة؛ لاشتماله على سِكَكٍ، فكذا السَّحاب.

وقوله: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}؛ أي: لم يَقْرُبْ من أن يراها من شدّة الظُّلمات، قال الفَرّاء (٣): "كاد": صِلةٌ، أي: لم يَرَها، كما تقول: ما كِدْتُ أَعْرِفُهُ. وقال المبرِّد (٤): لم يَرَها إلا بعدَ الجُهد، كما يقول القائل: ما كدتُ أراك من الظلمة، وقد رآه، ولكنْ بعدَ بأسٍ وشدّة. وقيل (٥): معناه: قَرُبَ من الرؤية ولم


(١) هو: أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن القاسم بن أبِي بَزّةَ، أبو الحسن المخزومي بالولاء، الفارسي الأصل، مقرئ مكة ومؤذنها، صاحبُ قراءةِ ابنِ كثير، ضعيف في الحديث، توفِّي سنة (٢٥٠ هـ). [غاية النهاية ١/ ١١٩، ١٢٠، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥٠، ٥١، الأعلام ١/ ٢٠٤].
(٢) ينظر في هذه القراءات وتوجيهها: إيضاح الوقف والابتداء ص ٧٩٩، ٨٠٠، السبعة ص ٤٥٧، إعراب القرآن ٣/ ١٤٠، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٣، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٣٩، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٨٤، ٢٨٥، البحر المحيط ٦/ ٤٢٤، الإتحاف ٢/ ٢٩٩.
(٣) قال الفراء: "فقال بعضُ المفسرين: لا يَراها، وهو المعنى؛ لأن أَقَلَّ الظلمات التي وصفها اللَّه لا يَرَى فيها الناظرُ كَفَّهُ". معاني القرآن ٢/ ٢٥٥، فالجبلي هنا نقل معنى كلام الفراء، ولم ينقل نصه، وقال طاهر بن أحمد: "وقول الكوفيين: إنها زائدة، ليس مما يُعَوَّلُ عليه؛ لأن الأفعال التي تُزادُ محصورةٌ، فلا يُقاسُ عليها؛ لأن الزيادة لا يُقْدَمُ عليها إلا بدليل" شرح الجمل ١/ ٣١٥.
(٤) الكامل في اللغة والأدب ١/ ١٩٥، ولكنه قال في المقتضب ٣/ ٧٥: "فأما قول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} فمعناه: لم يَرَها ولم يَكَدْ؛ أي: لم يَدْنُ من رؤيتها".
(٥) هذا قول الأخفش في معانِي القرآن ص ٣٠٤ - ٣٠٥، وحكاه الأزهري عن ابن الأنباري في التهذيب ١٠/ ٣٢٩، وينظر: الفريد للهمداني ٣/ ٦٠٥: ٦٠٩، شرح الكافية للرضي ٤/ ٢٢٣ - ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>