للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيَنَ ذلك، فقال: {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ} وذلك أنّ الإنسانَ ربما يبيتُ عُريانًا، أو على حالٍ لا يحبُّ أن يراه غيرُه في تلك الحال، {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} يريد: وقتَ المَقِيلِ، وهي مشتقّةٌ من الظهور، وهو ضدُّ الاختفاءِ والاستتار، {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} حين يَأوي الرجلُ الى امرأته، ويَخْلو بها.

أَمَرَ اللَّهُ تعالى بالاستئذان في الأوقات التي يَتَخَلَّى الناسُ فيها ويتكشَّفون، وفصَّلها، ثم أَجْمَلَها بعد التفصيل، فقال: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}. قَرأَ الكوفيُّونَ إلّا حفصًا والأعمشَ (١): {ثَلَاثُ} بالنصب ردًّا على قوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} (٢)، ورَفَعه الآخَرون على معنى: هذه الأوقاتُ ثلاثُ عوراتٍ لكم، والمعنى: ثلاثةُ أوقاتٍ (٣) من أوقاتِ العورة، وسُمِّيت هذه الأوقات عوراتٍ لأنّ الإنسانَ يضعُ فيها ثيابَه، فتبدو عورته.

قال السُّدِّي (٤): كان أُناس من الصحابة يُعجبُهم أن يُواقِعُوا نساءهم في هذه الساعات؛ ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة، فأمرهم اللَّه تعالى أن يأمروا الغِلمانَ والمملوكينَ أن يستأذِنوا في هذه الثلاثِ الساعاتِ، قال موسى بن أبي


(١) ينظر: السبعة ص ٤٥٩، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٤، حجة القراءات ص ٥٠٥، التيسير ص ١٦٣.
(٢) يعني: أنه منصوب على البدل، ولا بُدَّ على هذا من تقدير مضاف محذوف؛ أي: أَوْقاتَ ثَلَاثِ عَوْراتٍ، لأن {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} ظرف زمان، و {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} ليس ظرفًا، ويجوز أن يكون النصب على تقدير: أعني أو اتقوا، ينظر: الحجة للفارسي ٣/ ٢٠٦، التبيان للعكبري ص ٩٧٧، الفريد ٣/ ٦١٤، الدر المصون ٥/ ٣٣٤.
(٣) في الأصل: "ثلاث أوقات".
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>