للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: لَيُورثنهُمْ أَرْضَ الكفار من العرب والعجم، فيَجعَلُهم ملوكَها وساستَها وسكَّانَها، {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (٥٥)} يعنِي: بَنِي إسرائيلَ، إِذْ أَهْلَكَ الجبابرةَ بِمِصْرَ والشامِ، وأَوْرَثَهُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ.

وإنّما دَخَل اللامُ في قوله: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} لجوابِ اليمين المضمَر؛ لأنّ الوعدَ قولٌ (١)، مجازها: وقولُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- للذين آمنوا وعملوا الصالحات: واللَّه لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرض كما استَخْلفَ الذين من قبلِهم.

ورَوَى أبو بكرِ بنُ عَيّاشٍ (٢): {كَمَا اسْتَخْلَفَ} بضم التاء وكسر اللام، ووجهُه: أنه أريد به ما أريد بـ {اسْتَخْلَفَ}، وإذا كان المعنى كذلك فالوجهُ قراءةُ العامة.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} هذه لام الأمر، والمعنى: لِيَسْتَأْذِنْكُمْ في الدخول عليكم {الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني: العبيدَ والإماء، {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} يريد: مِن أحراركم من الرجال والنِّساء. {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} نَصبٌ على المصدر (٣)؛ أي: ثلاثَ استئذاناتٍ في ثلاثةِ أوقات، ثم


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٥٨، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٥١، معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥٥٠.
(٢) ورواها أيضًا المفضلُ عن عاصم، وقرأ بها أيضًا الأعمشُ وعيسى بنُ عمر، ينظر: السبعة ص ٤٥٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٤، حجة القراءات ص ٥٠٤، الإتحاف ٢/ ٣٠١.
(٣) هذا القول ذكره مَكِّيٌّ بغير عزو في مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٢٦، واختاره أبو حيان في البحر ٦/ ٤٣٣. ولكن الراجح أن {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} نصوب على الظرف، قال المنتجب الهمدانِي: "والدليل على أنه ظرف، وأن انتصابه عليه، لا على المصدر كما زعم بعضهم، كونُهُ فُسِّرَ بزمانٍ، وهو قوله: {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ}، ومن شرط المُفَسِّرِ أن يكون من جنس المُفَسَّرِ". الفريد للهمداني ٣/ ٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>