للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ} محل {أَنْ}: نصبٌ بِنَزْعِ الصِّفةِ، تقديره: في أنْ يضَعْن ثيابَهنَّ {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ}؛ أي: مُظْهِراتٍ مَحاسِنَهُنَّ بما لا ينبغي أن يُظهِرنَه (١)، وقيل (٢): أصلُ التبرُّج: صعودُ البُرْجِ للإظهارِ أو الكشف، مأخوذٌ من بَرَجِ العَيْنِ، وهو السَّعةُ.

ونَصَبَ غَيْرًا: على الحال من الضمير في {يَضَعْنَ}، {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ} فلا يضَعْن الجِلبابَ {خَيْرٌ لَهُنَّ}؛ أي: هو خيرٌ لهن، وفيه معنى الشرط والجزاء، {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لقولكم: {عَلِيمٌ (٦٠)} بما في قلوبكم.

وما بعدَ هذا ظاهرُ الإعراب إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} جَمْع شَتٍّ، وهم المتفرِّقون، وهما منصوبانِ على الحال.

قيل (٣): نَزَلتْ هذه الآيةُ في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلونَ إذا نزل بهم ضيفٌ إلّا معَ ضيفِهم، فرَخَّصَ اللَّهُ تعالى لهم أن يأكلوا كيفما شاءوا، مجتمعينَ أو متفرِّقين.

قوله: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}؛ أي: يُسَلِّمُ بعضُكم على بعض، كقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (٤)؛ أي: لا يَقْتُلْ بعضُكم بعضًا (٥)،


(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٦٩.
(٢) حكاه الأزهري عن الليث في التهذيب ١١/ ٥٥، ٥٦، وينظر أيضًا: عين المعاني ورقة ٨٩/ أ، اللسان: برج.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ١١٩، الوسيط ٣/ ٣٣٠.
(٤) النساء ٢٩.
(٥) قاله الحسن وابن زيد، ينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٠٩، جامع البيان ١٨/ ٢٣١، معانِي القرآن للنحاس ٤/ ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>