للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزَّجّاج (١): معناه: ألم تعلَم؟ وهذا من رؤية القلب، وذكروا أن هذا على القلب، تقديرُه: ألم ترَ إلى الظلِّ كيف مَدَّهُ رَبُّكَ؟ وهو: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وإنما جعله ممدودًا لأنه لا شمسَ معه، كما قال في الجنة: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (٢)؛ أي: لم تكن معَه شمسٌ.

قال أبو عُبيدةَ (٣): الظِّلُّ: ما تنسَخُه الشمس، وهو بالغَداة، والفَيْء: ما نَسَخَ الشَّمْسَ، وهو بعدَ الزوال، وسُمِّيَ فَيْئًا لأنه فاء من جانب المغرب، أي رَجَع.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا}؛ أي: سِتْرًا تستترون به وتسكنون فيه، والمعنى: أنّ ظُلمتَه تَلبَسُ كلَّ شخصٍ وتغشاه كاللباس؛ أي: يشتمل على لابسه.

قوله: {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا}؛ أي: راحةً لأبدانكم وقَطْعًا لعملكم، وأصل السُّبات: القَطْعُ، ومنه: يومُ السَّبت والنِّعالُ السَّبْتِيّةُ (٤)، ويُقالُ: أَسْبَتَ الرَّجُلُ: إذا اعْتَرَتْهُ سَكْتة، وسَبَتُوا عُنُقَهُ: إذا قَتَلُوهُ، والسُّباتُ مأْخُوذٌ منَ الإِقامةِ وَلُزُوم المكان (٥).

قوله: {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (٤٧) أي: يقَظةً وحياةً تنتشرون فيه لأشغالكم وابتغاءِ الرزق، والنُّشورُ هاهنا معناه: التفوق والانبساط بالتصرُّف.


(١) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٧٠.
(٢) الواقعة ٣٠.
(٣) مجاز القرآن ٢/ ٧٥، ٧٦.
(٤) النعال السبتية: اللينة المدبوغة التي لا شعر عليها. التهذيب ١٢/ ٣٨٨.
(٥) ينظر في هذه المعاني: التهذيب ١٢/ ٣٨٦، ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>