للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ} وقَرأَ ابن كثيرٍ وحدَه: {الرِّيحَ} على التوحيد (١) {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} هو جَمْع بَشُورٍ، مثلَ: رَسُولٍ ورُسْلٍ (٢)، وهو منصوبٌ على الحال، وقد ذكرتُ نظيرَها فِي سورة الأعراف (٣).

قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)}، وهو الطّاهِرُ في نفسه المُطَهِّرُ لغيره، {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ولم يقُلْ: ميِّتة؛ لأنه رَجَع إلى المكان والموضع (٤).

قال كعبُ الأحبار (٥): المطر رُوحُ الأرض، والمعنى: لنُحييَ -بالمطر- بلدةً ليس فيها نباتٌ {وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (٤٩)} قَرأ العامة: {وَنُسْقِيَهُ} بضمِّ النون، ورُوِيَ (٦) عن عاصم بفتح النون، وهي قراءة عُمرَ بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-.

والأَناسِيُّ: جَمْع الإنسان (٧)، فتكونُ الياء بدلًا من النون؛ لأنّ أصلَه:


(١) ينظر: السبعة ص ١٧٣، حجة القراءات ص ٥١١، الإتحاف ٢/ ٣٠٩.
(٢) على هذا فـ "بُشْرًا" مُخَفَّفٌ من "بُشُرٍ"، كما أن "رُسْلًا" مُخَفَّفٌ من "رُسُلٍ".
(٣) يعني قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} الأعراف ٥٧.
(٤) وقال سيبويه: "وقد جاء شيء من "فَيْعِلٍ" في المذكر والمؤنث سواءً، قال اللَّه -جل وعز-: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}. الكتاب ٣/ ٦٤٣، وينظر: مجاز القرآن ٢/ ٧٦.
(٥) هو: كعب بن ماتع، أبو إسحاق الحميري، تابعي كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن، وأسلم في عهد أبي بكر، وقدم المدينة في عهد عمر، فأخذ عن الصحابة، وأخذ عنه الصحابة وغيرهم كثيرًا من أخبار الأمم الغابرة، سكن حمص وتوفي بها سنة (٣٢ هـ)، وقيل: ٣٤ هـ. [سير أعلام النبلاء ٣/ ٤٨٩: ٤٩٤، الأعلام ٥/ ٢٢٨].
(٦) رواها المفضل عن عاصم، وهي أيضًا قراءة ابن مسعود والأعمش وأبي عمرو وأبي حيوة وابن أبي عبلة والمُطَّوِّعِيِّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٠٦، تفسير القرطبي ١٣/ ٥٦، البحر المحيط ٦/ ٤٦٣، الإتحاف ٢/ ٣٥٩.
(٧) هذا مذهب سيبويه، وأجازه الفرَّاء والزَّجّاج، ينظر: الكتاب ٣/ ٢١٦، معاني القرآن للفرَّاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>