للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} قَرأَ أبو عَمْرٍو وأهلُ الكوفة إلّا حفصًا بغير ألف (١)، وقرأ الباقونَ بالألف، والذُّرِّيّةُ: يكون واحدًا وجمعًا، فكونُها للواحد قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} (٢)، وكونُها للجمع قوله تعالى: {ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} (٣)، فمن أفرد في هذه الآية استغنى عن جمعها لَمّا كانت للجمع، ومَن جَمَعَ فلأنّ الأسماءَ التي للجمع قد تُجمع، نحو: قومٍ وأقوام، ورَهْطٍ وأَراهِط (٤).

وقوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ}؛ أي: بأنْ نراهم مؤمنينَ صالحين مُطيعين لك، ووَحَّدَ القُرّةَ لأنها مصدر، يقال: قَرَّتْ عينُه قُرّةً، وأصلُها من البَرْد، والعرب تتأذَّى من الحرّ وتَسْتَرْوِحُ إلى البرد، {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤) أي: أئمةً يُقْتَدَى بنا.

وقال بعضُهم (٥): هذا من المقلوب؛ أي: واجعَل المتَّقينَ لنا إمامًا، واجعَلْنا مُؤْتَمِّينَ مقتدينَ بهم. ولم يقُلْ: أئمةً؛ لأنّ الإمامَ مصدر، يقال: أَمَّ فلانًا إمامًا مثلَ: الصِّيام والقيام.

وقال الفَرّاء (٦): إنما قال: "إمامًا" ولم يقل: "أئمةً"، كما قال: {إِنَّا رَسُولُ


(١) قرأ بغير ألف أيضًا: أبو بكر عن عاصم، وخلفٌ واليزيديُّ والحسنُ والأعمشُ وطلحةُ وعيسى بنُ عمر، ينظر: السبعة ص ٤٦٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٢٧، حجة القراءات ص ٥١٥، تفسير القرطبي ١٣/ ٨٢، البحر المحيط ٨/ ٤٧٤.
(٢) آل عمران ٣٨.
(٣) النساء ٩.
(٤) قاله الفارسي في الحجة ٣/ ٢١٦، ٢١٧، وينظر: الوسيط للواحدي ٣/ ٣٤٨.
(٥) قاله الحسن ومجاهد وابن قتيبة، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٢٧٤، تأويل مشكل القرآن ص ٢٠٠، ٢٠٥، معاني القرآن للنَّحاس ٥/ ٥٥، الكشف والبيان ٧/ ١٥٢، تفسير القرطبي ١٣/ ٨٣.
(٦) معاني القرآن ٢/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>