للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّ الْعَالَمِينَ} إِنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ" (١) للاثنَيْن، يعني: أنه من الواحد الذي أُرِيدَ به الجمعُ.

قال طاهر بن أحمد (٢): وإمامٌ في الآية جَمْع؛ لأنه المفعول الثاني لـ "جَعَلَ"، والمفعول الأول جمعٌ أيضًا، والثانِي هو الأول، فوجب أن يكون جمعًا واحدُه: آمٌّ؛ لأنه قد سُمِعَ هذا في واحِدِهِ، قال اللَّه -سبحانه-: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} (٣)، فهذا جمعُ: آمٍّ مُسَلَّمًا، وقياسُهُ على حدِّ: نائم ونِيامٍ وقائم وقِيامٍ، فأما قولهم: أَئِمّةٌ فجمعُ إمام الذي هو مفرد، على حدِّ: عِنانٍ وأَعِنّةٍ وسِنانٍ وأَسِنّةٍ، والأصل: أَيِمّةٌ فقلبت ألفًا (٤).

وقيل: من جَمَعه "أئمةً"، فلأنه قد كثُر حتى صار بمعنى الصِّفة، وقال بعضهم (٥): أراد "أئمةً قال اللَّه تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} (٦)، وقال الشاعر:

يا عاذِلاتي لا تُرِدْنَ مَلامَتِي... إنَّ العَواذِلَ ليسَ لي بِأَمِيرِ (٧)

أي: بأُمَراءَ. وقيل (٨): هو جَمْع "آمٍّ"، والجمعُ يَصلُح للواحد والجمع، يقال: دِرْعٌ دِلَاصٌ وأَدْرُعٌ دِلَاصٌ (٩).


(١) الشعراء ١٦.
(٢) شرح جمل الزَّجّاجي ٢/ ٢١٧.
(٣) المائدة ٢.
(٤) يعني: همزة.
(٥) قاله الأخفش في معاني القرآن ص ٤٢٣، وإليه ذهب الزمخشري في الكشاف ٣/ ١٠٢، وينظر: الفريد للمنتجب الهمداني ٣/ ٦٤٤.
(٦) الشعراء ٧٧.
(٧) تقدم عَجُزُهُ برقم ١١ ص ١/ ٢٢٨.
(٨) قاله طاهر بن أحمد كما سبق، وينظر: الكشاف ٣/ ١٠٢، البيان للأنباري ٢/ ٢١٠، الفريد ٣/ ٦٤٤.
(٩) دِرْعٌ دِلَاصٌ: بَرّاقةٌ مَلْساءُ لَيِّنةٌ. اللسان: دلص.

<<  <  ج: ص:  >  >>