للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أُولَئِكَ} يعني: أهلُ هذه الصِّفات {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} يعني: على دينِهم، وقيل: على أذى المشركين، والغُرفة: كلُّ بناءٍ مرتفع، وأراد: غُرَفَ الجنّة من الزَّبرْجَد والدرِّ والياقوت.

قوله: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا} يعني: فِي الغرفة {تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) قال الكلبي: يُحَمِّى بعضُهُمْ بَعْضًا بالسلام، ويرسل الربُّ -تبارك وتعالى- إليهم بالسلام.

قرأ الكوفيُّون -سوى حفص-: {ويَلْقَوْنَ} بالتخفيف (١)، وقرأ الباقون بالتشديد، فمن شدَّد فحُجته قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} (٢)، ونَصْب {تَحِيَّةً} على خبرِ ما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، ومن خَفَّفَ فحُجته قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (٣)، ونصَبْ {تَحِيَّةً} على المفعول به، والفرق بين التحية والسلام، قال محمد بن يزيد (٤): التحيّةُ: تكون لكلِّ دعاء، والسلام مخصوص.

وقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا} يعني: مقيمينَ في الغرفة من غير موتٍ ولا زوال، وهو منصوبٌ على الحال، {حَسُنَتْ} الغرفة {مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٧٦)} نَصْبٌ على التمييز.

قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي}؛ أي: ما يُبالِي بكم، وقيل: ما يصنع،


(١) قرأ بالتخفيف أيضًا: أبو بكر عن عاصبم، والأعمشُ وخلفٌ والمفضلُ ومحمدٌ اليمانيُّ، ينظر: السبعة ص ٤٦٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٢٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٨٣، ٨٤، البحر المحيط ٦/ ٤٧٤، الإتحاف ٢/ ٣١١، ٣١٢.
(٢) الإنسان ١١.
(٣) مريم ٥٩، وينظر في حجة التخفيف والتشديد: الحجة للفارسي ٣/ ٢١٧، ٢١٨.
(٤) ينظر قوله في إعراب القرآن ٣/ ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>