للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {آبَاؤُكُمُ}: معطوفٌ عليه، و {الْأَقْدَمُونَ}: نعتُه.

ثم قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} وَحَّدَ العَدُوَّ لأن معنى الكلام: فإنّ كلَّ معبودٍ عَدُوٌّ لِي، قال الشاعر:

٦٩ - إِذا أنا لم أنفَعْ خلِيلي بِوُدِّهِ... فإنَّ عَدُوِّي لن يَضُرَّهُمُ بُغْضِي (١)

وأمّا الوجهُ في وصفِ الجَماد بالعداوة فهو أنّ معنى الآية: فإنهم عَدُوٌّ لِي -لو عَبَدْتُهُم- يومَ القيامة، كما قال اللَّه تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} (٢)، وقال الفَرّاء (٣): هذا من المقلوب، أراد: فإنّي عدوٌّ لهم؛ لأن مَن عادَيْتَهُ عاداكَ.

ثم قال: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)} نَصْبٌ بالاستثناء، يعني: فإنّهم عدوٌّ لِي وغيرُ معبودٍ لِي إلا رَبَّ العالمين فإنِّي أعبده. قاله الفراء (٤)، وقيل (٥): هو بمعنى


(١) البيت من الطويل، للنابغة الذبيانِيِّ، ونُسِبَ للنابغة الشيبانِيِّ، ورواية ديوانه: "لم أنْفَعْ صَدِيقِي. . . لم يَضُرُّهُم".
التخريج: ديوان النابغة الذبيانِي ص ٢٣١، ديوان نابغة بني شيبان ص ١٩٨، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٣١٧.
(٢) مريم ٨٢، وهذا قول الفزاء في معاني القرآن ٢/ ٢٨١، وينظر: جامع البيان ١٩/ ١٠٥، إعراب القرآن ٣/ ١٨٣.
(٣) هذا القول ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ١٦٧، وينظر: تفسير القرطبي ١٣/ ١١٠.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٢٨١.
(٥) أي: أنه من الاستثناء المنقطع، وهو قول للنُّحاس في معاني القرآن ٥/ ٨٦، إعراب القرآن ٣/ ١٨٣، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٤٠، الكشاف ٣/ ١١٧، ونسبه أبو حيان للفرَّاء في البحر المحيط ٧/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>