للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لكنْ"، وقال الحسين بن الفَضْل (١): يعني: إلّا مَن عَبَدَ رَبَّ العالمينَ (٢).

قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)} يعني: إلى الدِّينِ والرُّشْدِ لا إلى ما تعبدون، ومحل {الَّذِي}: نَصْب؛ لأنه صفة {رَبَّ الْعَالَمِينَ}، ويحتمل أن يكون نصبًا على المدح، ويحتمل أن يكون رفعًا على خبر ابتداءٍ محذوف تقديره: هو الذي خلقني (٣).

قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) أي: ذِكْرًا جميلًا وثناءً حسنًا وقَبولًا عامًّا في الأُمم التي تجيءُ بعدي، فأعطاه اللَّهُ تعالى ذلك، فكلُّ أهل الأديان يَتَوَلَّوْنَ إبراهيمَ عليه السّلام ويُثنُون عليه، قال القُتَيْبي (٤): [يوضَعُ] اللِّسان موضعَ القول على الاستعارة؛ لأنّ القول يكون به (٥)، والعرب تُسمِّي اللغةَ لسانًا.

قوله تعالى: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) أي: لا تُعذِّبْني يومَ تَبْعَثُ الخَلْقَ، ثم فسَّر ذلك اليومَ، فقال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨)} يعني: لا ينفَعُ المال والأولاد أحدًا، {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)} سَلِمَ من الشِّرك والنفاق،


(١) الحسين بن الفضل بن عمير بن قاسم، أبو علي البجلي النيسابوري، العلَّامة المفسر اللغوي المحدث عالِمُ عصره، كان رأسًا في معاني القرآن، أصله من الكوفة، وانتقل إلى نيسابور، وظل يعلم الناس فيها ٦٥ سنة حتى توفِّي سنة (٢٨٢ هـ). [سير أعلام النبلاء ١٣/ ٤١٤ - ٤١٦، طبقات المفسرين للسيوطي ص ٣٧، الأعلام ٢/ ٢٥١، ٢٥٢].
(٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ١٦٧، فتح القدير ٤/ ١٠٥.
(٣) ويجوز أن يكون مبتدأً، وخبره {فَهُوَ يَهْدِينِ}، ودخلت فيه الفاء لِما فِي المبتدأ من معنى الشرط، ينظر: الفريد ٣/ ٦٥٧، ٦٥٨، البحر المحيط ٧/ ٢٢، الدر المصون ٥/ ٢٧٧.
(٤) تأويل مشكل القرآن ص ١٤٦.
(٥) في الأصل: "بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>