للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} قال الزَّجّاج (١): دَخَلت التاءُ -و {قَوْمُ} مذكَّرون- لأنّ المراد بالقوم: الجماعةُ؛ أي: كَذَّبَتْ جَماعةُ قَوْمِ نوحٍ المرسَلين، كقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} (٢).

وعنَى بالمرسَلين: نُوحًا وحدَه، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ} (٣) يعني النَّبِيَّ عليه السّلام؛ لأنَّ مَن كَذَّبَ رَسُولًا واحدًا مِن رُسُلِ اللَّه فقد كَذَّبَ الجماعة؛ لأنّ كلَّ رسول يأمر بتصديق جميع الرسُل، وكذلك قوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)} التأنيثُ لمعنى القبيلة؛ لأنه أُرِيدَ بعادٍ: القبيلةُ.

قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً}؛ أي: علَامةً {تَعْبَثُونَ (١٢٨) أي: تلعبون، والرِّيعُ: الصومعة، والرِّيعُ: التَّلُّ العالِي، وكلُّ مكانٍ مرتفع فهو رِيع، والرِّيع أيضًا: البُرج للحَمامِ (٤) يكون فِي الصحراء (٥)، وفيه لغتان: كسرُ الراء وفتحُها (٦)، وجَمْعُه: رِيعةٌ وأَرْياعٌ (٧)، والمعنى: أنهم كانوا يبنُون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارّةِ والسّابِلةِ (٨) فيَسْخَرُونَ منهم، ويَعْبَثُونَ بهم.


(١) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٩٥.
(٢) الحجرات ١٤.
(٣) المؤمنون ٥١.
(٤) في الأصل: "البرج من الحمام".
(٥) من أول قوله: "والريع: الصومعة" قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٣٨٦.
(٦) وقد قرأ بفتح الراء ابنُ أبي عبلة، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٠٨، البحر المحيط ٧/ ٣١.
(٧) ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٨٨.
(٨) السابلة: أبناء السبيل، والجمع: السَّوابِلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>