للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُه تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢)} يعني: القرآنَ {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣)} قَرأَ أهل الحجاز وأبو عَمْرو وحفصٌ بتخفيف الزاي ورَفْع الحاء والنون، يعنُون: نَزَلَ به جبريلُ عليه السّلام، وقَرأَ الباقون بالتشديد والنَّصب (١)، وهو الاختيارُ، لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢)}، وهو مصدر، فمن قَرأَ بالتخفيف رَفَع الرُّوحَ بفعله، ومَن قَرأ بالتشديد فهو مفعولٌ، والفاعلُ: اللَّه تعالى، نَزَّلَ به ربُّ العالمين الروحَ الأمينَ (٢).

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً} يعني القرآنَ، قَرأَ ابنُ عامر: {تَكُنْ} بالتاء {آيَةٌ} رفعًا (٣)، وقرأ الباقونَ بالياء {آيَةً} بالنصب على الخبر، قال الزَّجَّاج (٤): قوله: {أَنْ يَعْلَمَهُ (١٩٧)} اسمُ "كان"، و {آيَةً}: خبره، والمعنى: أَوَلم يَكُنْ عِلْمُ عُلماءِ بني إسرائيلَ أَنَّ محمدًا نبيٌّ حقٌّ علامةً ودِلالةً على نُبُوَّتِهِ؟

وعلى قراءة ابن عامر قال الفَرّاء والزَّجّاج (٥): جَعَل {آيَةٌ} هي الاسم، و {أَنْ يَعْلَمَهُ} خبر {تَكُنْ}. ووَجْه رفع {آيَةٌ} على أنّ الاسمَ ضميرُ القصة، و {أَنْ يَعْلَمَهُ} في معرض الابتداء، و {آيَةٌ} خبر، وجعلُ المعرفة خبرًا والنكرة اسمًا ضعيفٌ وإن جاء اسمًا (٦)، قال الشاعر:


(١) قرأ بالتشديد والنصب أيضًا: أبو بكر عن عاصم، ينظر: السبعة ص ٤٧٣، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٣٨، حجة القراءات ص ٥٢١، الإتحاف ٢/ ٣٢٠.
(٢) ينظر في هذه المعاني: معاني القراءات ٢/ ٢٣٠، الحجة للفارسي ٣/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٣) وهي قراءة عاصم الجحدري أيضًا، ينظر: السبعة ص ٤٧٣، الإتحاف ٢/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٠١.
(٥) هذا معنى قولهما، معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٢٨٣، معاني القرآن وإعرابه للزَّجّاج ٤/ ١٠١.
(٦) هذا الكلام متعلق بتوجيه الفرَّاء والزَّجّاج لقراءة {أَوَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ آيَةٌ}، وقد أجاب بعضهم على ذلك بأن اسم {تَكُنْ} وإن كان نكرة إلا أنه تخصص بالجار والمجرور "لهم"، وفي القراءة وجوه أخرى، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٠١، الفريد للمنتجب الهمداني ٣/ ٦٦٦، ارتشاف الضرب ص ١٠٤٣، الدر المصون ٥/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>