للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْمَلُونَ (٨٤)} حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا فيها، ومحل "ماذا": نصب بوقوع "تَعْلَمُونَ" عليه.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} العامل فِي "يومَ": فعل مضمر تقديره: اذكُرْ يا محمد يومَ يُنفخ في الصور، قال ابن عباس: يريد النفخة الأولى {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: ماتوا لشدة الخوف، كقوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} (١)، والمعنى: يبلغ منهم الفزعُ إلى أن يموتوا.

قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} قيل: أراد بالاستثناء: الشهداءَ، وهم الأحياء عند ربهم يرزقون، وقيل: أراد جبريلَ وميكائيل وإسرافيل وعَزْرائيل، {وَكُلٌّ آتُوهُ دَاخِرِينَ (٨٧)} يعني: صاغرين، وأصل "آتوهُ": آتِيُوهُ، وهو فعل مستقبَل (٢) على قراءة العامة، وقرأ الأعمش وحمزة وحفص: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} (٣) من غير مَدٍّ، جعلوه فعلًا ماضيًا. ونصب {دَاخِرِينَ} على الحال.

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً}؛ أي: واقفةً مكانَها {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}؛ أي: تسير سَيْرَ السحاب حتَّى تقع على الأرض فتُسَوَّى بها، قال القُتيبي (٤): وذلك أن الجبال تُجْمَعُ وتَسِيرُ، وهي في رُؤْيةِ العين كالواقفة وهي


(١) الزمر ٦٨.
(٢) يعني بالفعل المستقبل اسم الفاعل، ويبدو أنه من مصطلحات الكوفيين؛ فإنهم يسمون اسم الفاعل بالفعل الدائم، ولكني لم أقف على قول في هذا، ينظر: مصطلحات النحو الكوفي ص ٥٠ - ٥٢.
(٣) وهي أيضًا قراءة ابن مسعود وابن وثاب وخلف، وقرأ الباقون، وأبو بكر عن عاصمٍ: {أَتَوْهُ} اسم فاعل، ينظر: السبعة ص ٤٨٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٦٥، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٤١، البحر المحيط ٧/ ٩٤، الإتحاف ٢/ ٣٣٥.
(٤) تأويل مشكل القرآن ص ٥، ٦، وينظر: تفسير غريب القرآن له ص ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>