للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وكل جَمْعٍ يَقْصُرُ عنه البصرُ لكثرته وعِظَمِهِ وبُعْدِ ما بين أطرافه فهو -في خيال الناظر- كالواقف [وهو] يسير، وإلى هذا ذهب الشاعر فِي وصف جيش:

٨٥ - بِأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أَنَّهُمْ... وُقُوفٌ لِحاجٍ والرِّكابُ تُهَمْلجُ (١)

وقوله: {صُنْعَ اللَّهِ}؛ أي: فعل اللَّه {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}؛ أي: أَحْكَمَ، وقيل: أَحْسَنَ، وقيل: أَبْرَمَ ما خَلَقَ وأحكمه، ومعنى الإتقان فِي اللغة: الإحكام للأشياء. و {صُنْعَ اللَّهِ}: نَصْب على المصدر، وقيل: على الأمر؛ أي: أَبْصِرُوا صُنْعَ اللَّهِ (٢)، وقرأ أُبَيٌّ: {صُنْعُ اللَّه} (٣) بضم العين؛ أي: ذلك صنع اللَّه {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (٨٨)} من الطاعة والمعصية، قرأ ابن كثير وأبو عَمْرو وهشامٌ بالياء (٤)،


(١) البيت من الطويل للنابغة الجعدي، ويروى: "وُقُوفٌ لأَمْرٍ".
اللغة: بِأَرْعَنَ: أي: بجيشٍ أَرْعَنَ، وهو المضطرب لكثرته، الطَّوْدُ: الجبل العظيم، الحاجُ: جمع حاجةٍ، الرِّكابُ: الإبل التي يُسارُ عليها، واحدها: راحلة ولا واحد لها من لفظها، تُهَمْلِجُ: الهَمْلَجةُ: حُسْنُ سيرِ الدابةِ في سرعةٍ.
التخريج: ديوانه ص ٤٩، المعانِي الكبير ص ٨٩١، الكشف والبيان ٧/ ٢٢٩، المحرر الوجيز ٤/ ٢٧٣، زاد المسير ٦/ ١٩٦، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٤٢، اللسان: صرد، البحر المحيط ٧/ ٩٤، الدر المصون ٥/ ٣٢٩، التاج: صرد.
(٢) النصب على المصدر هو قول سيبويه، وقد ذكر سيبويه أن بعضهم ينصبه على الأمر، وبعضهم على الإغراء، وجَوَّزَ سيبويه الرَّفعَ على خبر ابتداء محذوف، ينظر: الكتاب ١/ ٣٨١، ٣٨٢، وينظر أيضًا: المقتضب ٣/ ٢٠٣، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٣٠، إعراب القرآن ٣/ ٢٢٣، ٢٢٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٥٥، ١٥٦.
(٣) ينظر: شواذ القراءة للكرمانِي ورقة ١٨٣، عين المعاني ورقة ٩٧/ ب.
(٤) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن محيصن واليزيدي: {يَفْعَلُونَ} بالياء، واخْتُلِفَ فيه عن هشام وابن ذكوان، وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب، ينظر: السبعة ص ٤٨٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٦٥، حجة القراءات ص ٥٣٩، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٤٤، الإتحاف ٢/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>